كتاب الإيضاح شرح المصباح الشهير (بشرح الثلاثين المسألة)،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

المسألة السادسة والعشرون في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

صفحة 293 - الجزء 1

  والنّهيِ عن المنكر من وجوهٍ:

  أحدُها: أنّ الجهاد واجبٌ وإنْ خشيَ المجاهدُ على نفسه التّلف بخلاف الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

  ومنها: أنّ الجهاد يجوز فيه ترك الكافر على ما هو عليه من المعصية ويُسَلِّمُ الجزيةَ أو نحوها، بخلاف الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فإنّه لا يجوز تقرير صاحبه عليه بحالٍ، بمالٍ ولا بغير مالٍ.

  ومنها: أنّ النهيَ عن المنكر تُقتل فيه المرأة والصبيُّ بخلاف الجهاد. فأما إن خشي أخذ شيءٍ من المال؛ فمن المتكلمين من قال: يجب الأمرُ والنّهيُ كما يجب على المجاهد الجهاد وإن خشي قتل دابّته، وعلى المتوضي شراء الماء بما أمكن من المال إذا وجده قيل وذلك رأيُ المنصور بالله وبه قال الفقيه حميد، ومنهم من قال: لا يجب وهو ظاهر الخلاصة، وقول كثير من المتكلمين. وأمّا السَّبُّ وخَوفُهُ، فإن كان لا يَضَعُ منزلةَ المسبوبِ لم يسقط الوجوبُ، وإن وَضَعَ من منزلتِهِ فيقرُبُ أنّ الحكم فيه كالحكم فيمن خشي على عضوٍ من أعضاءه. وفي الأساس: (وتجويز ما يقعُ على الآمر والنّاهي بسببهما من نحو: قَتْلٍ، وتَشْرِيدٍ، وانْتِهَابِ مَالٍ غيرُ مُرَخِّصٍ في التَّرك وِفَاقاً بين كثيرٍ من العلماءِ لقوله تعالى: {يَابُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَآ أَصَابَكَ إِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ} وقوله ÷: «أَفْضَلُ الْجِهَادِ كَلِمَةُ حَقٍّ عِنْدَ سُلْطَانٍ جَائِرٍ» وقوله ÷: «إِجْعَلْ مَالَكَ وعِرْضَكَ دُونَ دِينِكَ ... الخبر» أو كما قال؛ «وكالجهاد».

  قلت: وما ذهب إليه في