كتاب الإيضاح شرح المصباح الشهير (بشرح الثلاثين المسألة)،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

المسألة السادسة والعشرون في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

صفحة 294 - الجزء 1

  الأساس هو مذهب المؤيّد بالله ومن معه.

  الخامس: أن يعلم أو يظنَّ أنه إن لّم يأمر بالمعروف ضاع، وإن لّم يَنْهَ عن المنكر وقع، كمن يشاهد غيره لم يُصَلِّ الفريضةَ من أوّل الوقت إلى أن بقيَ ما يسع الفريضة فقط فإنه يتضيّق عليه الأمرُ لِئَلّا يضيع المعروف ولا يتضيّق عليه في غير ذلك. وكذا من شاهد آلات المنكر حاضرةً وغلب على ظنه أنّه إن لّم يَنْهَ وقع المنكرُ فإنه يتضيّق عليه النهيّ. فأمّا بعدَ ضياع المعروفِ وبعد الفراغ من المُنكر فإنّه لا يجب الأمر والنّهيُ لعدم الفائدة، اللَّهُمّ إلّا أن يكون ذلك على جهة التّذكير والوعظ فيكون المقصود بذلك ألّا يقع أمثالُهُ في المستقبل، فيكون ذلك حسناً وإن لّم يكن واجباً. وقد عُلِمَ أنّ من هذه الشروط ما هو شرطٌ في الوجوب والْحُسْنِ، ومنها: ما هو شرطٌ في الوجوب فقط ومنها: ما يقوم الظنّ فيه مقامَ العِلم، ومنها: ما ليس كذلك.

  نعم: و ما ذكرناه من أنّ القول بوجوب الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر عند تكامل شروطهما: هو مذهب الزيديّة والمعتزلة، قَالَهُ بعضُ أصحابنا. وحُكي عن الحشوية أنه لا يجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مطلقاً. والذي ذكره الدواريّ أنّ أهل القبلة قاطبةً مجمعون على وجوبهما، وإنّما الخلاف في مسألةٍ وهي: هل من شرطه الإمام أمْ لَا، فالذي عليه الأكثر أنّه لا يُشترط الإمام بل يَجِبَان من دونه. وقالت الإماميّةُ: لا بُدّ فيه من الإمام ثم اختلفوا فمنهم من قال: لا يجب قولاً ولا فعلاً إلّا بالإمام. والذي عليه أكثرهُمُ أنه لا بُدّ من الإمام في الفعل، فأمّا القولُ فالإمامُ غيرُ شرطٍ فيه.

  (وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ) المذهب الصحيح من جهة العقل مختلفٌ فيه؛ فذهب أبو علي إلى أنّه يجب ذلك عقلاً سواءٌ أَلَحِقَ أحدَنا ضررٌ أمْ لَا، إذ لو جوّزنا