المسألة السابعة والعشرون في إمامة علي #:
  بدليل أنه لو وقع منه معصيةٌ يستوجب بها الحد فإن الإمام يحدّه. واختلف الناس في وجوبها: فذهب الأكثر وهو مذهبنا أنها واجبةٌ، لكن العلمُ بها جملةً من فروض الأعيان، وتفاصيلُها من فروض الكفايات. وافترقوا فمنهم من قال: تجب عقلاً وسمعاً، وهو مذهب بعض أَئمتنا $، منهم: إمام زماننا أيَّدهُ اللهُ تعالى، وبه قال: البلْخي، وأبو الحسين، والجاحظ، والإمامية. وقال بعض أَئمتنا [$] والجمهور: بل سمعاً فقط. وقالت الخوارجُ، وبعضُ الحشويّة، وهشام الفوطي من المعتزلة، والأصم وضرار من المجبرة: لا تجبُ الإمامةُ وُجُوباً مُسْتَمِرّاً لا عقلاً ولا شرعاً، وإن اختلفت مقالةُ هؤلاء فالأصمُّ يقول: لا تجب إلّا عند ظهور الظلمة وظلم الخلق، فتجب لدفع ذلك الظلم، والحشوية يقولون: لا تجب مطلقاً لعدم الدليل. وهشام يقول: لا يجب على الإمام القيام إذا خشيَ القتل وثوران الفتنة. والصحيح: عندنا وجوبها عقلاً وسمعاً، أمّا وجوبُها عقلاً فلأنّ الناس مع رئيسٍ ينظمهم ومُدَبِّرٍ يُدبّرهم أحسن حالاً، وأقرب إلى ترك التّظالم؛ وتَرْكُ التّظالم واجبٌ [عقلاً] وما لا يتم الواجبُ إلّا به يكون واجباً كوجوبه؛ ولهذا فإن العربَ لم تُخْلِ أنفسها من زعيمٍ ينقادون لأمره ويهتدون بهديه. وهذه الشيمة في العجم أظهر فإنهم لا ينفكون عن رئيسٍ ينقادون له، وعليه قول الشاعر:
  لَا يَصْلُحُ الْقَومُ فَوْضَى لَا سُرَاةَ لَهم ... وَلَا سُرَاةَ إذَا جُهَّالُهُمْ سَادُوا
  وأمّا وجوبها سمعاً فمن الكتاب، والسُّنة، والإجماع: أمّا الكتاب فقوله