كتاب الإيضاح شرح المصباح الشهير (بشرح الثلاثين المسألة)،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

المسألة السابعة والعشرون في إمامة علي #:

صفحة 314 - الجزء 1

  وأمّا فضيلةُ العلم: فلأنّه # وارثُ علم النبيء ÷، والمخصوص بمكنون سِرِّهِ ولذلك قال النبيء ÷: «أَنَا مَدِينَةُ الْعِلْمِ وَعَلِيٌّ بَابُهَا» وكان كل الصحابة محتاجين إلى علمه، ولم يكن مُحتاجاً إلى علم أحدٍ منهم، وممّا يُؤَيِّدهُ ذلك حكاية الحاكم ¦ عنه # في كتاب (تنبيه الغافلين) أنه قال: (لو ثُنِيَتْ لِي الوسادةُ ثم جلستُ عليها لقضيتُ بين أهل التوراة بتوراتهم وبين أهل الإنجيل بإنجيلهم وبين أهل الزبور بزبورهم وبين أهل الفرقان بفرقانهم، واللهِ ما من آيةٍ نزلت في بَرٍّ ولا بحرٍ ولا سماءٍ ولا أرضٍ ولا سهلٍ ولا جبلٍ ولا ليلٍ ولا نهارٍ إلّا وأنا أعلم متى نزلت وفي أيِّ شيءٍ نزلت، وما من رجل من قريش جرت عليه المواسي إلَّا وأنا أعلم أيَّ آيةٍ نزلت فيه تَسُوقُهُ إِلى جنّةٍ أو نارٍ).

  وأمّا فضيلة الصبر: فلأنه ذكر في كتاب (المحن) أنَّ الله سبحانه ابتلى صبره في أربعة عشر موطناً: سبعة في حياة النبيء ÷ وسبعة بعد وفاته، وجملة ذلك أنه بُلِيَ من المحن بما لم يُبْلَ به غيرُهُ من الصحابة، وظهر من صبره عليها ما لم يظهر من غيره مثله على ما هو دونها، وذلك منذ مبيته على فراش النبيء ÷ مُوَطِّناً نَفْسَهَ على الصّبر للقتل، إلى ما كان من صبره في مواطن الزّحف التي تَزِلُّ فيها الأقدام، وتبلغ القلوبُ الحناجر، إلى ما كان من صبره على ما أُبْتُلِيَ به من وفاة رسول الله ÷،