كتاب الإيضاح شرح المصباح الشهير (بشرح الثلاثين المسألة)،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

تنبيه

صفحة 320 - الجزء 1

  الذي يتناوله التّكليفُ، وإلّا كان تكليفاً بما لا يُعلم وهو قبيحٌ، ولا شُبهةَ أنّ فرض الإمامة عَامٌّ لكل المكلفين.

  واحتجّ: من قال بالنص الخفي على إمامة أبي بكر بقوله تعالى: {قُل لِّلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ}⁣[الفتح: ١٦].

  قالوا: والدّاعي لهم أبو بكر لأنه أوّلُ من دعا إلى القتال بعد موت النبيء ÷ فإنه دعا إلى قتال أهل الرِّدة، ولا يجوز أن يكون النّبيءُ ÷ هو الدَّاعي لهم لأنه قد قال تعالى: {فَاسْتَأذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُل لَّن تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَدًا}⁣[التوبة: ٨٣].

  الجواب: من وجهين:

  أحدهما: أنه لا طريق إلى أنّ المراد بالآية أبو بكر بل المرادُ بها النبيءُ ÷ وهو دُعَاؤُه إلى قتال هَوَازِن، ولكن لم يخرجوا معه، والآية لم تمنع إلّا من الخروج معه، لا من الدُّعاءِ وقيل: المرادُ بها عليٌّ # في دعائه إلى أهل الجمل وصفين والنهروان.

  الثاني: أنه ليس في الآية ما يدل على ما ذكروه، ولو سلّمنا لهم أنها في أبي بكر إذ ليس فيها إلَّا أنّهم يُدْعَوْنَ وهو يَدْعُو وهذا لا يقضي بكون الدّاعي إماماً. لا يقال في الآية مدحٌ له، ولا مدح إلَّا على أَمرٍ له صفةٌ زائدةٌ على حُسْنِهِ. وأيضاً: فتوعَّدهم على التَّخلُّف وهو لا يكون إِلّا لمن إجابة دعوته واجبة وهو معنى الإمامة، لأنّا نقول: هَبْ أنّ الأمر كذلك، والدُّعاءُ واجبٌ، والمدعو إليه واجبٌ، فإنَّ هذا لا يقتضي الإمامة، وذلك لأنّ قتال المشركين واجبٌ والدُّعاءُ إليه