كتاب الإيضاح شرح المصباح الشهير (بشرح الثلاثين المسألة)،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

خطبة الكتاب

صفحة 24 - الجزء 1

  العدم المحض، وابتدعه إبتداعاً، وجعل حدوثَهُ المعلوم - لقبوله الزيادة والنقصان، وملازمته المُحْدَثُ من الأعراض، إذ الإنفكاكُ خارجٌ عن دائرة الإمكان، والعَرَضُ معدودٌ منه غيرُ خارج عنه - دليلاً على وجود ذاته جلَّ وعلا، وكمال صفاته سبحانه وتعالى عمَّا يقول الجاحدون وما يعتقده الملحدون.

  وأشهد ألّا إله إلاّ اللهُ وحده لا شريك له، شهادةً سببُها اليقينُ به، والنّظر المؤدِّي إلى معرفته، مدَّخرةً ليوم القيامة أرجو بها الفوز والكرامة، وأنّ محمَّداً عبده ورسوله الذي أيَّده بالمعجزات الدّالة على صدقه التي أعظمها ما هو الآن بين أظهرنا وهو القرآن الكريم، إذ نظمُهُ خارجٌ عن طوق البشر، حيث تحدّى به العرب وهم يومئذٍ الصَّميم والخلاصة، وممَّن يُشار إليهم بالبنان، فأُفحموا عن المعارضة، ورجعوا إلى الحرب الدالَّة على العجز إذ ليست [هي] بإقامة برهان صلى الله عليه وعلى آله الطاهرين وعلى أصحابه المُحقِّين وتابعيهم وتابعي التابعين بإحسانٍ إلى يوم الدين.

  وبعد: فلمَّا كان علمُ الكلام أشرف العلوم إذ هو لمعرفة الحيِّ القيوم، والعلم يشرُفُ بشرف المعلوم، وكان سببَ إفتراق الأُمَّة إلى الْفِرَقِ الهالكة والنَّاجية إختلافُ