أدلة وجوب النظر
  فقط. كما هو مذهب المهدي # وكثير من المعتزلة، وبعض صفوة الشيعة فيقولون إنّ وجه وجوب المعرفة كونها لطفاً في أداء الواجبات، ومعنى ذلك أنّ العبد إذا عرف أنّ له خالقاً يُثيبُهُ إن أطاع ويُعاقبه إن عصى كان أقرب إلى أدآء الواجبات. وكلامهم من أصله باطلٌ لقوله تعالى: {اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا}[سبأ: ١٣]، وإجماع أهل العربية على أنّ الشكر قولٌ باللِّسانِ، وإعتقادٌ بِالْجَنانِ، وعَمَلٌ بالأركانِ؛ في مقابلة النعمة، قال الشاعر:
  أفَادَتْكُمُ النَّعْمَاءُ مِنِّي ثَلاثَةً ... يَدِي وَلِسانِي وَالضَّميرَ المُحَجَّبَا
[أَدلّة وجوب النظر]
  وأمّا الدليل على وجوب النظر من جهة السمع: فقوله تعالى: {أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ}[الغاشية: ١٧] ونحوها. وقصرت المجبّرة الإستدلال على ذلك على السمع وأنكرت أن يكون العقلُ دليلاً بناءً منهم على أصلهم وهو إنكار التّحسين والتّقبيح العقليّين، وكلامنا عليهم من جهة إبطال أصلهم بالكلية، ومن جهة إبطال إنكار أن يكون العقل دليلاً على وجوب النظر خاصةً.
  أمّا الأول: فهو أنَّا نعلم من حال العقلاء أنهم يُصوِّبون من مدح المحسن أو أحسن إليه ومن ذَمَّ المسيءَ أو عاقبه، وما ذاك إلّا لكونهم يرون الإحسان في العقل حسناً والإساءة في العقل قبيحة؛ فإنكارهم لذلك مخالفة لِمَا عليه العقلاءُ.
  وأمّا الثاني: فإنه يلزم من قولكم أحد محذورين إمّا الدور وإمّا الكفر، أمّا الدور فحيث نقول بوجوب النظر على المكلفين في صحة