كتاب الإيضاح شرح المصباح الشهير (بشرح الثلاثين المسألة)،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

أدلة وجوب النظر

صفحة 52 - الجزء 1

  دعوة الأنبياء $، لأنه لا يجب النظر إلَّا بالسّمع، والسّمعُ لا يثبتُ إلَّا بالنظر. وأمّا الكفر فحيث نقول بعدم وجوب ذلك عليهم لأنه يلزم منه تصويب من أعرض عن دعوة الأنبياء $ إذ لا واجب عليه وذلك كفر لأنه ردٌّ لِمَا جآءَت به الرُّسل وما عُلِم من دين كل نبيءٍ ضرورةً وأيَّا مَّا كان فهو باطل.

  (ثُّمَ إعْلَمْ) أنّ الذين قالوا بوجوب النظر اختلفوا هل هو فرضُ عينٍ، أو فرض كفايةٍ، فالذي عليه أئمتُنا والجمهور أنه فرضُ عينٍ، وقال أبو إسحاق بن عيّاش، وأبو القاسم الْبَلْخِي، والعنبريُّ ورواية عن القاسم ورواية عن المؤيد باللّه: بل فرض كفاية. ثم افترقوا في التقليد، فابن عيّاش والعنبريُّ وغيرُهُما، ورواية عن المؤيّد باللّه: يجوز مطلقاً أي: تقليد المحق وغيره هكذا رواه في الأساس عنهم. وقد نسب الدواري ذلك إلى البلْخي والحشوية، ونُسب إلى ابن عياش جواز التقليد لمن غفل عن طريق النظر كالنساء والعبيد والعوام، قال: وقد روي مثلُ ذلك عن البلْخي أيضاً. قال الدواريُّ: وذكر القاسم # أنّ مُقلّد المحق نَاجٍ. قال في الأساس: هذه رواية عنه وهو مذهب البلْخي.

  قلنا: أمّا القول بصحة التقليد مطلقاً فبطلانه ظاهرٌ، وذلك لأنّ الله تعالى لم يكن مطابقاً لكل إعتقاد؛ فالمخطيُ جاهلٌ به؛ والجاهل به كافر إجماعاً، وتقليد الكافر في كفره كفرٌ إجماعاً، وقد ذمّ الله المقلدين في كتابه حيث قال حاكياً: {إِنّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ}⁣[الزخرف: ٢٣] ونحوها، وقوله ÷: «من أخذ دينه ... ... الخبر» وأمّا