كتاب الإيضاح شرح المصباح الشهير (بشرح الثلاثين المسألة)،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

المسألة الثلاثون في بيان من يستحق الإمامة بعد الحسنين @

صفحة 346 - الجزء 1

  (وَمَعْنَى الدَّعْوَةِ) هو: التّجَرُّدُ للقيام بالأمر، والعزم عليه، وتوطين النفس على تحمُّل أثقاله، ومباينة الظالمين، وذلك هو مذهبنا. وعند المعتزلة، والصالحية، والخوارج، وأصحاب الحديث، وكثير من الناس أنّ الموجبَ لإمامة الإمام العقدُ له والإختيارُ. وفي حقِّ معرفة الغير بأنه إِمامٌ طريقُها العقد والإختيار أيضاً، ثم اختلف القائلون بالعقد في عدد العاقدين، فمنهم من قال: يعقد خمسةٌ لسادسٍ وهذا قول أبي علي، وأبي هاشم، وقاضي القضاة. وأكثر القائلين بالعقد قالوا: ذلك إعتباراً بما جرى يوم السّقيفة من العقد لأبي بكر وكان العاقدون خمسة وهم: عمر بن الخطاب، وعبدالرحمن بن عوف، وأبو عبيدة، وأُسَيْدُ بن حضير، وبشير بن سعد وقيل سالم مولى حذيفة مكان عبدالرحمن بن عوف. واعتبر بعضُهم ستّةً قياساً على عدد أهل الشُّورى، وقال بعضهم: أربعة قياساً على شهود الزِّنا، وقال أبو القاسم: ثلاثة قياساً على ما ذكر عمر في أهل الشورى وكانوا ستةً أَنهم إذا اختلفوا كان الرَّأْيُ للنصف الذين فيهم عبدالرحمن بن عوف، وقال سليمان بن جرير: إثنان قياساً على الشهادات في سائر المعاملات. وبعضهم قال: يكفي في ذلك عقدُ واحدٍ لواحدٍ، وهو مرويٌّ عن الشيخ أبي علي البصري. وقال أكثر المعتزلة: فيهم أبو هاشم: الإمامُ إذا عَهِدَ إلى غيره بالإمامة كان إِمَاماً. وقال أبو علي: لا بُدّ من رضى أهل العقد بذلك. وذهبت الحشوية، والكرامية، والنواوي إلى أنَّ طريقها القهرُ والغلبةُ؛ ومن ثَمَّ ذهبوا إلى أنَّ الحسين # بَاغٍ على يزيد بن معاوية. وذهبت الراوندية والعباسية إلى أنّ طريقها الإرثُ. وذهبت المطرفيّة إلى أنّها جزاءٌ على الأعمال؛ وهو قول بعض الإمامية وحُكي عن الجاحظ.