المسألة الثلاثون في بيان من يستحق الإمامة بعد الحسنين @
  وعثمان جازت مع فضله عليهم لعذرٍ وهو كونه # كان في نفوس كثير من الناس عليه شيءٌ لِمَا كان منه - في أيّام رسول الله ÷ - من قتل صناديد العرب والشّدة في ذات الله تعالى، وهذا عذرٌ باطلٌ إذ لا يجوز مخالفة النصوص لمثل هذا العذر وإلَّا أدَّى إلى ترك الصلاة والصيام وكثير من الواجبات عند حصول عذر من الأَعذار. ودليلنا: إِجماع الصحابة على إشتراط الأَفضل كما قرّرنا.
  (والشجاعة): والمراد بها أن يكون له رباطة جَأْشٍ يمكنه تدبير الحروب عند إلتحام القتال، وشدة كَلَبِ الْعَدُوِّ وبحيث لا يُدهش لُبُّهُ في تلك الحال وتعمى عليه الأُمور، ولا يعتبر في الشجاعة مبارزة الأقران ومجاولة الفرسان، هذا ذكره الناصر وغيره. وذكر الهادي # أنّ الشجاعة معناها: أَن يخلط الصفوف بالصفوف ويحمل على الأُلوف. ووجه إشتراط الشجاعة أنّه لو لم يكن شجاعاً لم يُؤْمن أن يحضر في عسكر في وجه العدوِّ ثم ينهزم فيكون في ذلك وَهْنٌ في الدِّين وعُلُوٌّ في شَنَارِ المفسدين وهذا خلاف الغرض بالإمام ولأنّ الجبان لا يتمكن إذا حضر العسكر من نظم أُموره على وجه يحصل به نكاية العدوِّ، ولأنّ جبنه يمنعه من إقامة الحدود على أكابر الناس وكل هذا يُبطل الغرض بالإِمامة.
  (والسخاءُ) والمراد به ألَّا يشح بوضع مال الله تعالى في أَهله ولا يُعتبر سماحته بماله غير ما يجب عليه من الإنفاق في سبيل الله تعالى. ووجه إشتراط السخاء وجه اشتراط الورع إذ السخاء داخل تحت الورع.
  (والقوَّة على تدبير الأمر) والقوة على ذلك لها معنيان: أحدهما: أَن يكون له رَأْيٌ وتدبيرٌ بحيث يُفزع إليه عند النّوازل. الثاني: ألَّا يكون به علة تمنعه من مخالطة الناس كالجذام والبرص والعمى، وأن يكون