كتاب الإيضاح شرح المصباح الشهير (بشرح الثلاثين المسألة)،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

المسألة الثلاثون في بيان من يستحق الإمامة بعد الحسنين @

صفحة 354 - الجزء 1

  ومن قال إنها في البطنينِ فقط فهم البطنان، ولا دليل على صحتها في غيرهم. أمّا من أَجازها في سائر الناس فمذهبه باطلٌ بإجماع الصحابة بعد منازعة الأَنصار يوم السقيفة حين أَرادوا أن يُبايعوا سعد بن عبادة فاحتجَّ عليهم المهاجرون بالقرب من رسول الله ÷ وبكونهم من قريش فلم يكن لكلامهم مُنْكِرٌ ولا رَدَّهُ رَادٌّ بل انقادوا لذلك طائعين فكان إجماعاً، ومن ثمَّ قال علي # لمَا بلغه أنّ الأنصار طلبوا الأَمر: (لَوْ كانَ الأَمْرُ فِيهِمْ مَا كَانَتِ الْوَصَايَةُ بِهِمْ) فأمَّا قوله ÷: «أَطيعوا السلطان ولو عبداً حبشيّاً» فمحمول على عامل الإمام للإِجماع على أنّ العبد لا يصح تصرُّفه بغير إِذْنِ سيِّده. وأمّا من أجازها في سائر قريش فلا حجة له وقوله ÷: «الأئمة من قريش» لا يقتضي ذلك، لأنّ مِنْ للتبعيض فوجب حينئذٍ الإقتصارُ على المُجمع عليه وترك المختلف فيه.

  فإن قيل: كيف تدَّعي الإِجماع على صحتها في جميع أَولاد البطنين مع خلاف الإِماميّة في ذلك؟.

  قلنا: إِنَّا لم نَدَّعِ الإِجماع إلّا (بَعْدَ) قيام الدليل القاطع على (بُطْلَانِ قَوْلِ أَصْحَابِ النَّصِّ مِنَ الإِمَامِيَّةِ) لأَنّ ذلك النَّص على الأئمة الذين ذكروا إِنْ كان آحاديّاً لم يُؤخذ به في مسألتنا لأنّها قطعية؛ وعلى تقدير أنها ظنية فلا تُعارِضُ أدلّتنا القاطعة، وإن كان متواتراً وجب أَنْ لَّا يختص بالعلم به فريقٌ دون فريق؛ لأنّ الإِمامة من أُصول الدين المُهمَّة التي يلزم كل مُكلَّفٍ معرفتها فيجب أن تكون أدلتها ظاهرة للجميع ليتمكن كل مكلّف من النظر فيها وإِلَّا