كتاب الإيضاح شرح المصباح الشهير (بشرح الثلاثين المسألة)،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

المسألة الثلاثون في بيان من يستحق الإمامة بعد الحسنين @

صفحة 355 - الجزء 1

  سقط التكليف عمّن لا يعلم الدليل لأنّ تكليف ما لا يُعلم قبيح فكان يجب على النبيء ÷ أنْ يُظهره لجميع الأُمَّة وإِلَّا كان كتمانُهُ تغريراً وتلبيساً وذلك لا يجوز عليه ÷. ولاشك أَنَّا إِذا راجعنا أَنفسنا علمنا من حالها أَنها غير عالمة بذلك النص لا ضرورة ولا إستدلالاً بل المعلوم أَن أكثر الأُمّة من الزيدية والمعتزلة والجبرية والمرجئة والخوارج أَنهم ما وقفوا على هذا النص المتواتر ولا تواتر لهم مع شدة البحث والحرص في طلبه وهذه الطريقة هي التي عرفنا بها عدم معارضة القرآن، وعدم صلاة سادسة، وحج إلى غير الكعبة، ولو جوَّزنا تواطئ الأُمة على كتم ذلك النص الضروري لجوَّزنا كتمهم لكثير من أُصول الشرائع فلا تقع الثقة بشيءٍ من التكاليف الشرعية وهو ظاهر الفساد. فعلم بهذا الدليل أنّ قول الإمامية ساقطٌ لا يُلتَفَتُ إِليه، ولا يُعدُّ خارقاً للإجماع.

  فإِن قيل: مُدَّعَاكُمْ هو قصرُها على البطنينِ فكيف يصح الإحتجاج بالإجماع عليه؛ والإجماع إِنّما هو على صحتها فيهم لا على قصرها عليهم؟

  قلنا: لم نحتجَّ بالإجماع على قصرها عليهم، بل القصر له طرفان: صحتها فيهم، ونفيها عن غيرهم، فاحتججنا على الطرف الأَوَّل بالإجماع، وعلى الثاني بعدم الدليل، إذ لا دليل شرعيّاً يدل على جوازها في غيرهم فوجب نفيه.

  فإن قيل: كثيراً مَّا يتكرر أَنَّ عدم الدليل لا يدل على عدم المدلول فكيف تستدلون بعدم الدليل