المسألة الثلاثون في بيان من يستحق الإمامة بعد الحسنين @
  على جوازها في غيرهم على عدم الجواز؟ قلنا: عدم الدليل لا يدل على عدم المدلول في الأُمور العقلية، وأَمّا في الشرعية فيدل، وإلَّا لجوّزنا تكاليف شرعية كثيرة ولا دليل عليها؛ وفيه هدم الشرائع، وبطلان التكاليف، وأنّه محال. (وَ) إِذا علمنا إِجماع الأُمّة على جواز الإِمامة في البطنينِ وأَنّه قد (اخْتُلِفَ فيمَنْ عَدَاهُمْ وَ) لم يدل دليل على جوازها فيه علمنا وجوب قصرها فيهم وعدم تعدِّيها إلى غيرهم لأنَّ الأُمّة (إِجْمَاعُهُمْ حُجَّةٌ وَاجِبَةُ الإِتِّبَاعِ) ويحرُمُ مخالفتها لقوله تعالى: {وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَآءَتْ مَصِيرًا}[النساء: ١١٥] وقوله ÷: «لَا تَجْتَمِعُ أُمَّتِي عَلَى ضَلَالَةٍ» إلى غير ذلك ممّا هو مقرر في مواضعه (وَذَلِكَ ظَاهِرٌ) لمن أنصف (فَثَبَتَ بِذَلِكَ) الدليل القطعي (حَصْرُهَا فِيهِمْ $ دُونَ غَيْرِهِمْ مِنَ النّاسِ) وبطل ما قاله المخالفون. وأمّا الدليل على أنّ طريق الإمامة الدَّعوةُ دون غيرها كما زعمه المخالفون على إختلاف أقوالهم، فهو أنّ الأُمّة أجمعت على إِعتبار معنى الدَّعوة الذي ذكرناه في حق الإمام، إِلَّا أَصحاب النصِّ وقد بطل قولهم؛ فتعين الحقُّ في قول مَنْ عداهم؛ ولا دليل يدلُّ على إِعتبار أمْرٍ زائدٍ على الدّعوة؛ من: العقد، والإِختيار، والإِرث، والجزاءِ، والقهر؛ وما لم يقم عليه دليل لم يجز إِثباته لأنّه يفتح باب الجهالات، ثم إنّا نقول لأَهل العقد والإختيار: نظرنا في كتاب الله سبحانه فوجدنا فيه قوله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي}[المائدة: ٠٣] ونظرنا في السُّنة فوجدنا فيها قوله ÷: «مَا تَرَكْتُ شَيْئاً يُقَرِّبُكُمْ إِلَى الْجَنَّةِ إِلَّا دَلَلْتُكُمْ عَلَيْهِ ... الخبر» ومقتضى هذا قد وجدناه، فإن