المسألة الثلاثون في بيان من يستحق الإمامة بعد الحسنين @
  لنفسه؛ بل رُوي عنه ما قدّمنا من أنّه قال لعليّ #: أُمدد يدك أُبايعك وقال العباس في ذلك شعراً:
  ما كنت أَحسب أنّ الأَمر منتقل ... عن هاشم ثم منها عن أبي حسن
  أَليس أَوّل من صلّى لقبلتكم ... وأعرف الناس بالمفروض والسُّنن
  وأقرب الناس عهداً بالنبيء ومَنْ ... جبريل عونٌ له في الغسل والكفن
  مَنْ فيه ما فيكم من كل مكرمةٍ ... وليس في كلكم ما فيه من حسن
  فما الذي صدّكم عنه لنعرفه ... ها إِنّ بيعتكم من أَول الفتن
  ولو كانت تجري مجرى الوراثة لادَّعاها أَولاد العباس كعبدالله وعبيدالله وقُثَم وهم لم يدَّعوها بل كانوا يعتقدون أَنها لعليّ # وكانوا مُتولِّين مِنْ تحت يده ومتصرِّفين عن أَمره.
  واعلم أنّ هذه المقالة إِنّما حدثت في زمان المتولِّين من ظلمة بني العباس أَحدثَها لهم ابن الرَّاوندي يريد بذلك التقرُّب إِليهم. وممّا يبطل قول من قال إِنها جزاءٌ على الأَعمال أنّ من حقِّ الجزاء على الأَعمال الصالحة أن يكون شهيّاً لذيذاً ولا شك أنَّ الإمامة من الأُمور الشّاقة المتعبة؛ بل هي من جملة التكاليف التي يجب على الإمام القيام بها فكيف يجوز أَن يُجازَى بتكليفٍ على تكليفٍ. وممَّا يبطل قول من يقول إِنّ طريق الإمامة القهر والغلبة أنّ المُبطل الظّالم قد يغلب المُحقَّ العادل فلا يجوز ثبوت الإمامة له.