كتاب الإيضاح شرح المصباح الشهير (بشرح الثلاثين المسألة)،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

خاتمة في الفرقة الناجية

صفحة 360 - الجزء 1

  إِعلم: أنّ الأُمّة قد تفرّقت إِلى فرقٍ شتّى وهي على كثرة مذاهبها، وتباين مطالبها، وتضليل بعضها لبعض لا يجوز أن تكون مصيبة كلّها بل بعضُها مصيبٌ، وبعضُها مخطٍ لا محالةَ؛ بل كلُّها هالكة إِلَّا فرقةً واحدةً كما يقضي به الأثر النَّبوي المُتلقّى بالقبول المُجمع عليه وهو في الصحاح المشهورة وهو قوله ÷: «سَتَفْتَرِقُ أُمَّتِي إِلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً كُلُّهَا هَالِكَةٌ إِلَّا فِرْقَةً وَاحِدَةً» وقد يُروى أن أوّله: «إفترقت أُمّة أخي موسى على إِحدى وسبعين فرقة كلها هالكة إلَّا فرقة واحدة، وافترقتْ أُمّة أَخي عيسى على إثنتين وسبعين فرقة كلها هالكة إلَّا فرقة واحدة، وستفترق أُمّتي ... الخبر» وروى الغزالي في كتاب التفرقة أَنَّها ناجية إلَّا فرقة واحدة. والرواية الأُولى هي المعتمدة؛ وقد قضى ÷ فيها بأنّ أُمّته كلها هالكة إلَّا فرقة واحدة. وهذا مما يعلم عقلاً أعني أنّ الفِرَقَ المختلفةَ في الأُصول لا يجوز أن تكون على حقّ فيما هي عليه، بل بعضُها مُحِقٌّ وبعضها مبطلٌ.

  قال الإمام يحيى بن حمزة #: ومصداق الحديث أنّ الروافض عشرون، والخوارج عشرون، والمعتزلة عشرون، والمرجئة ست، والمجبرة أربع، ثم الباطنية، والحُلُوليّة، والثالثة والسبعون هم الزَّيدية. فإذا قضى ÷ بالهلاك على كل فرقة سوى واحدةٍ وجب على كل عاقل أن يعرف تلك الفرقة لأنّها هي المُحقّةُ فيكون من جملتها ليسلم من الهلاك. ولم يكن ÷ ليموت إلَّا وقد بيّنها لنا لأنه بُعث مُبيّناً للدين، وهادياً إِلى طريقة الحقّ المبين فلا بد أن يكون قد بيّن هذه الفرقة قبل وفاته ÷ لا سيّما وقد قال تعالى فيما أَنزله عليه: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ