كتاب الإيضاح شرح المصباح الشهير (بشرح الثلاثين المسألة)،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

تنبيه

صفحة 55 - الجزء 1

«تنبيه»

  أطلق كثيرٌ من أصحابنا أنّ العلم والمعرفة مترادفانِ، قالوا ولهذا لا يصح أن يثبت الباري بأحدهما ويُنفى بالآخر، وهذا فيه إشكال فإنه قد فرق بينهما أهل العربيّة حيث جعلوا الْعِلْمَ يتعدّى إلى مفعولينِ والمعرفة إلى مفعولٍ واحدٍ، ووافقهم في ذلك أهل المنطق حيث جعلوا العِلم يتعلّق بالمركّبات والمعرفة بالمفردات ومن ثَمَّ يُقال: عرفتُ الله دون علمتُه، وفرق بينهما بعضهم بأنّ العِلمَ نقيضه الجهل والمعرفة نقيضها الإنكار. وقال بعضهم: المعرفةُ عِلْمٌ ناقصٌ، ومن ثمَّ يُقال: الله تعالى عالمٌ ولا يُقال له عارفٌ، ومنع بعضهم أن يُطلق على الله تعالى أنه عارفٌ وإنما يُقال إنّه عالمٌ، قال لأنّ المعرفة هو العلم المسبوق بالجهل والله يتعالٍى عن ذلك. قيل: ومن ثَمَّ لم ترد لفظة عارف في أسماء الله الحسنى، ولا وصف بها نفسه في كتابه العزيز مع كثرة ما وصف نفسه بالعلم وما تصرّف منه.

«باب إثبات الصّانع وذكر توحيده وذكر عدله ووعده ووعيده»

  معنى إثبات الصّانع: إعتقاد ثبوته ووجوده، وعَطفُ التّوحيد عليه يُشعر بأنّ مسألة إثبات الصّانع غير داخلة في التوحيد، وهي أصل باب التوحيد على ما قرره أصحابنا؛ ويظهر ذلك في حد التوحيد على ما يجيءُ بيانه. وجَعْلُ المذكور باباً واحداً لا يخلو من تسامح، وكان اللّائق عند سلوك نهج التّبويب أن يجعل الكتاب أبواباً أربعةً: الأوّل: في وجوب النظر وقد تقدم، والثاني: في التوحيد، والثالث