كتاب الإيضاح شرح المصباح الشهير (بشرح الثلاثين المسألة)،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

خاتمة في الفرقة الناجية

صفحة 366 - الجزء 1

  وممَّا يدل على نجاتهم: قصر الإمامة فيهم كما مرّ دليله، وقد قال تعالى {يَا قَوْمَنَآ أَجِيبُوا دَاعِيَ اللهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ٣١ وَمَن لَّا يُجِبْ دَاعِيَ اللهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءُ أُوْلئِكَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ ٣٢}⁣[الأحقاف]، وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ} وداعي الله، وأُولو الأمر من أهل البيت قطعاً بالدليل الدّال على قصر الإمامة فيهم دون غيرهم؛ وبدليل قوله ÷: «مَنْ سَمِعَ وَاعِيَتنا أَهْلَ الْبَيْتِ فلم يُجِبْهَا أَكبّهُ اللهُ عَلَى مَنْخِرَيْهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ» وهذا غاية الوعيد والزجر عن التخلف عن داعي أهل البيت. وإذا ثبت وجوب طاعتهم ثبت أنهم ناجون؛ إذ لا يجوز من الباري تعالى أن يوجب علينا طاعة من هو هالك في الهالكين.

  وعن ابن عباس [®] أنّ رسول الله ÷ رجع من سَفَرٍ له وهو متغيّر اللون فخطب خطبةً بليغةً وهو يبكي ثم قال: «أَيُّها الناس: إِني قد خلَّفتُ فيكم الثّقلينِ: كتاب الله وعترتي وأُرومتي [أهل بيتي] ولن يفترقا حتّى يردا عليَّ الحوض، ألَا وإني أَنتظرهما، ألَا وإني أسألكم يوم القيامة في ذلك عند الحوض، أَلَا وإنّه سَيَرِدُ عليَّ يوم القيامة ثلاثُ راياتٍ من هذه الأُمّة: راية سوداء فتقف فأقول من أَنتم؟ فينسون ذكري ويقولون نحن أهل التوحيد من العرب فأَقول: أَنَا مُحَمَّدٌ نبيء العرب والعجم؛ فيقولون نحن من أُمَّتك فأَقول: كيف خلفتموني في عترتي وكتاب ربي؟ فيقولون: أمَّا الكتابُ فضيعناهُ، وأمَّا العترة فحرصنا على أن نبيدهم، فأُوَلِّي وجهي عنهم، فيصدرون عطاشاً قد اسودّت وجوهُهُم. ثم تَرِدُ [عليّ] راية أُخرى أشدُّ سواداً من الأُولى