كتاب الإيضاح شرح المصباح الشهير (بشرح الثلاثين المسألة)،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

المسألة الأولى الكلام في إثبات الصانع

صفحة 59 - الجزء 1

  في حقه تعالى واجبةٌ إذ هي بالذّات، لا بجعل جاعلٍ، ولا لمعنىً ولا لأمرٍ غير الذات، وفي حق المخلوق جائزة فلم يشاركه على الحدّ الذي يستحقها. وأمّا قوله: مع الإقرار به فلا حاجة إليه، لأنّ من اعتقد التّوحيد مُوَحِّدٌ وإن لّم يُقر ولعلّه ذكر ذلك في تسمية الواحد منّا لغيره مُوَحّداً فإنا لا نسميه مُوَحِّداً حتى يُقرَّ أو يذكرَ ذلك؛ لأنّ ذكر ذلك من شرط التوحيد عند التُّهمة، قال بعض المحققين: هذا الحد يشمل العلم بالذّات وبالصفات.

  نعم: ويشتمل هذا الباب على عشر مسائل:

«المسألة الأُولى» [الكلام في إثبات الصانع]

  الكلام في إثبات الصانع: وقدّمها على الصفات لأنها فرعٌ عليها، لأنّ من لم يعلم الذّات لم يعلم الصفات. فيجب على المكلّف أن يعلم (أنّ لِهَذا الْعَالَمِ صَانعاً صَنَعَهُ ومُدَبِّراً دَبَّرَهُ) وحقيقةُ العالَم في مُواضَعَةِ المتكلّمين: الأجسام والأعراض الموجودة على الترتيب المشاهد مثل السّماوات والأرض وما بينهما، وهو في الأصل إسم لجميع المخلوقات، ومنه حديث وهب بن مُنبّه: (إنّ للّه تعالى ثَمَانِيَةَ عَشَرَ ألْفَ عَالَم؛ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا عَالَمٌ واحِدٌ) وقيل: إسم لمن يَعْلَم وهو الملائكة والثّقلان، إذ هو مشتقٌ من العِلْمِ، وقيل: هو إسمٌ لما يُعلم به الله.

  وقيل: كل أهل عصر يُسمَّى عَالَماً؛ ومنه قوله ÷