كتاب الإيضاح شرح المصباح الشهير (بشرح الثلاثين المسألة)،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

المسألة الأولى الكلام في إثبات الصانع

صفحة 65 - الجزء 1

  الجسمِ وهؤلاء هُمُ المعروفون بِنُفاةِ الأعرَاضِ. وذهب أبو الحسين، وابن الملاحمي، والإمام يحيى بن حمزة إلى نفي المعاني وجعلوا الأعراضَ كلها صفاتٍ للجسم بالفاعل، وبه قال ابن الخطيب الرازي، وكثير من الأشاعرة، والمجبرة. قال ابن زيد وهو مذهب القاسم والهادي @، ومعنى ذلك أنّ الحركة والسكون ونحوهما هي التي يُعبَّر بها عن كونه مُتحرِّكاً وساكناً ومجتمعاً ومفترقاً، وهذه الصفات إنما تثبت بالفاعل؛ ويُؤَيِّد ذلك أنّ من قال هو متحرك وليس فيه حركة يُعد مناقضاً وكذا سائرها، فعلمنا إستواء كونه متحركاً وفيه حركة، وليس هناك معنىً زائدٌ على الصفة. وذهب جماعة من المعتزلة ومال إليه بعضُ متأخري الزيدية كالمهدي # إلى إثبات المعنى وهو الموجب صفة للجسم، فالحركة أوجبت كونه متحركاً ونحو ذلك، وذلك من تأثير العلّة وهو تأثير الإيجاب، وعندنا أنْ لَّا مؤثِّر حقيقة إلَّا الفاعل المختار إذ تَقَدُّمُهُ يدل على إختصاصه بصفة المؤثّر، والعلةُ مقارنةٌ لمعلولها، فما تخصيص أحدهما بكونه مؤثِّراً والآخر مؤَثَّراً بأوْلَى من العكس، وهذا ممّا لا شكّ فيه، وسيأتي لهذا مزيد تحقيق. وأمّا ما ذهب إليه نُفاةُ الأعراض فباطلٌ، قال ابن الملاحمي: إذ ثبوتها معلومٌ ضرورةً على الجملة، وقال غيره - قال الدواري: وهو الأصح - الأحسنُ التفصيل وهو أن يقال: الحاصل [في الجسم] لا يخلو إمّا أن يكون جسماً أو معنىً أو صفةً، لا يجوز أن يكون جسماً لوجهين: أحدهما: أنّ الواحد منّا ليس بقادر على الجسم ولا يقف على إختياره، وكون الجسم متحركاً يقف على