كتاب الإيضاح شرح المصباح الشهير (بشرح الثلاثين المسألة)،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

المسألة الأولى الكلام في إثبات الصانع

صفحة 66 - الجزء 1

  اختيارنا. الثاني: أنّ كون الجسم متحركاً يتجدّد ثبوته في حال بقاء الجسم، والجسمُ لا يتجدّد ثبوته في حال بقاءه، ولا يجوز أن يكون معنىً لأنّ المعنى يُعلم على انفراده، وكون المتحرّك متحركاً لا يُعلم على إنفراده، وإنّما يُعلم تَبَعاً للعلم بذي الإحتراك فلم يبق إلّا أنه صفةٌ.

  وأمّا الأصل الثاني: وهو أنّ تلك الأعراض محدثة فذلك هو المذهب. وذهبت طائفةٌ من الفلاسفة إلى أنها قديمة، مع الإقرار بثبوتها، وهؤُلآءِ هم أهل الكُمُون والظُّهُور؛ يُثبتون الأعراض ويجعلونها قديمةً، فيقولون: إذا تحرّك الجسمُ ظهرت الحركةُ وكَمَنَ السُّكونُ والعكس. قلنا: الدليل على حدوثها أنها تعدم والقديم لا يعدم؛ أمّا أنها تعدم فلأنّ الأكوان (الَّتِي هِيَ الْحَرَكَةُ والسُّكونُ وَالإجتماع والإفتراق) متضادّة فالحركة ضدّ السكون والعكس، والإجتماع ضد الإفتراق والعكس، فمتى سكن الجسمُ عدمت الحركةُ والعكس وعلى هذا القياس. وإذا تقرّر في العقول عدمُها ثم وجودها عُلم قطعاً أنها محدثةٌ إذ ذلك حقيقة المحدث. وأمّا أنّ القديم لا يعدم فلأنه قديمٌ بالذات ليس داخلاً في جنس المقدورات، وما هو قديم بالذّات فذاتُهُ ثابتةٌ مستمرّةٌ لا يتطرق إليها الإيجاد والإعدام، إذ خروج الموصوف عن صفة ذاته لا يجوز. وأمّا القول بِالْكُمُونِ والظُّهُورِ فذلك باطل لوجهين: أحدهما: أنّ ذلك إثباتٌ لشيءٍ لا دليل عليه وذلك يفتح باب الجهالات، الثاني: أن الكُمُون والظُّهُور لا يُعقلانِ إلّا في المتحيِّزات إذ الكُمُون إختفاءُ الشيءِ بعد أن كان ظاهراً، والظهورُ: بُدُوُّ الشّيءِ بعد أن كان خافياً، وهذا كما ترى من أوصاف المتحيِّزات. وأمّا الأصل الثالث: وهو