المسألة الأولى الكلام في إثبات الصانع
  أنّ الأجسام لم تخل من الأعراض المحدثة (وَلَمْ تَتَقَدَّمْهَا فِي الْوُجُودِ) فهذا هو مذهبنا ومذهب أكثر الفرق؛ والخلاف في ذلك مع قوم من الفلاسفة فإنهم يُقرُّون بالأكوان وبحدوثها إلّا أنهم يقولون: إن أصل العالم مُتعَرٍّ عنها ثم حلَّته بعد ذلك؛ وأهل هذه المقالة يُسَمَّوْنَ: أهل الهيُولَى والصُّورة، وأهل العنصر، والأُستقص، والطِّينة فسُمُّوا أهل الهيُولى والصُّورة لأنّ منهم من يقول: أصل العالَم جوهران بسيطانِ موجودانِ، غير متحيِّزين، ولا محسوسين، ولا ملموسين، ولا كائنين في جهة، اسمُ أحدهما الصُّورة والثاني الهيُولى ثم حلَّت الصورة في الهيُولى فتحيّزا واحْتَمَلَا الأعراض، ومنهم من قال: أصل العالَم: جوهرٌ موجودٌ غير متحيّز، ومنهم من قال: أصل العالَم: جواهرُ موجودةٌ غيرُ متحيّزة؛ فلذلك سُمُّوا - أهل هذه الدّعوى - أهل الأُستقص، والعُنصر، والطينة؛ لأنّ هذه العبارات