تنبيه
  تُستعمل في أصل الشيء، وعبّروا بهذه العبارات عن أصل العالم الذي ذهبوا إليه.
  والجواب: أنه لو جاز خُلُوُّ الجسمِ من الأعراض فيما مضى من الزمان، لجاز خُلُوُّهُ عنها الآن لأنّ مرور الزمان لا تأثير له فيما يجب للجسم أو يجوز أو يستحيل. ألَا ترى أنّ الجسم لمّا وجب له التَّحيّز وجب له في كل زمان ومكان، ولمّا جاز عليه التنقل جاز في كل زمان ومكان، ولمّا استحال عليه كونه في جهتين في حالةٍ واحدةٍ استحال عليه في كل زمانٍ ومكانٍ، ومعلوم قطعاً أنه لا يجوز خُلُوُّهُ عنها الآن إذ لو جاز ذلك لم يمتنع أن يكون كثير من الأجسام موجودةً وهي غير متحركة ولا ساكنة، وقد علمنا أنّ من جوّز ذلك فقد كَابَرَ حكم عقله، ولهذا لو أخبرنا مخبرٌ أنه شاهد أجساماً في بعض البلاد القاصية، وهي غير متحركة ولا ساكنة لتبادر العقلاءُ إلى تكذيبه من غير توقُّفٍ في أمره. فتقرّر أنّ الجسمَ لا يخلُو من الأعراض المحدثة.
  وأمّا القول بالهيُولى والصُّورة فقولٌ غيرُ صحيحٍ لأنهما قديمان عندهم، فليس أحدهما بأن يكون صورةً والآخر هَيُولَى أوْلَى من خلافه. وهذه التسمية عندهم موضوعة لإفادة معنىً مختلفٍ، ولهذا كان أحدهما حَالّاً والآخر مَحَلّاً، فأمّا إن كانت التّسميةُ لقباً فلا ضَيْرَ عليهم في ذلك.
«تنبيهٌ»
  إعلم أنّ إطلاق القول بأنّ الأجسام لا تخلو من الأعراض المحدثة - كما هو واقع في عبارات كثيرٍ من أصحابنا - لا يخلو من تسامح لأنّ الذي عليه الزيديّة، والمعتزلة جميعاً، وأكثر الفرق: التّفصيل، وهو أن يُقال: الأعراضُ باعتبار