كتاب الإيضاح شرح المصباح الشهير (بشرح الثلاثين المسألة)،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

تنبيه

صفحة 72 - الجزء 1

  وعلى صفةٍ دون صفةٍ وهو المطلوب قال: وهذا الدليل قويٌّ لا يَرِدُ عليه شيءٌ ممّا ورد على ما قبله.

«تنبيهٌ»

  الدّليلُ القرآنيُّ المثيرُ لدفينِ العقل على حدوثِ العالم على ما هو مذهب جمهور أئمتنا $ قوله تعالى: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَآ أَنزَلَ اللهُ مِنَ السَّمَآءِ مِن مَّآءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ وَتصْرِيفِ الْرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ الْسَّمَآءِ وَالأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ}⁣[البقرة: ١٦٤].

  قال في الأساس: (بيان الإستدلال بهذه الآية: أمّا السماواتُ والأرضُ فإنّا نظرنا في خلقهما فوجدناهما لم ينفكّا عن إمكان الزّيادة، والنقصان، والتّحويل، والتّبديل، والجمع بينهما، وتفريق كُلٍّ منهما؛ فذلك الإمكانُ إمَّا قديمٌ أو محدثٌ، ليس الأوّل لأنّ الإمكان لا يكون إلّا مع التمكن منهما، والتمكن لا يكون إلّا عند أن يصح الفعل، والفعل لا يصح إلّا بعد وجود الفاعل ضرورةً، وما كان بعد غيره فهو محدثٌ، فثبت الثاني وهو حدوثُهُ فلزم حدوث لازمه، وهو السَّماوات والأرض، فهما مع ذلك الإمكان إمّا قديمانِ أو محدثانِ، ليس الأوّل لأنّا قد علمنا ضرورةً أنّهما لا يُعقلان مُنفكَّيْنِ عنه، وكل ذي حالةٍ لا يُعقل مُنفكّاً عن حالته يستحيل ثبوته مُنفكّاً عنها، كالعمارة مَثَلاً فإنه يستحيل وجودها منفكّةً عن إمكانها، وكالمستحيل فإنه يستحيل تخلّفه عن عدم إمكانه، فلو كَانَا قديمينِ لَكَانَا قد تخلّفا عن ذلك الإمكان، لأنّ الإمكان لا