كتاب الإيضاح شرح المصباح الشهير (بشرح الثلاثين المسألة)،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

تنبيه

صفحة 73 - الجزء 1

  يكون إلّا مع التّمكن منهما، والتّمكن لا يكون إلّا بعد صحّة الفعل، وصحّة الفعل لا تكون إلّا بعد وجود الفاعل، وما كان بعد غيره فلا شكّ في حدوثه، ولزم حدوث ما يتوقف عليه من جميع ذلك؛ ولو كانا قديمين لزم تخلّفهما عنه قبل حدوثه وهو محال لِمَا بيّنا فثبت الثاني وهو حدوثهما، وأيضاً: هما مختلفان فاختلافُهُما إمّا للعدم، أو لعلّةٍ فرضاً، أو لفاعل، ليس الأوّل لأنّ العدم لا تأْثير له، ولا الثّاني لأنّ تأثير العلّة إيجاب بزعمهم فلو كان كذلك لوجب أن تكون السماءُ أرضاً والعكس، والسُّفلى من السماوات عُلْيَا والعكس، إذ ما جَعْلُ أحدهما أرضاً والآخر سماءً ونحو ذلك بأولى من العكس لعدم الاختيار، فثبت أنه لفاعلٍ، ولزم تقدّمه، إذ لا يصح كونه فاعلاً مختاراً إلّا مع تقدُّمه ضرورةً، وما تقدم عليه غيره فهو محدث (فَثَبَتَ) بما تقرّر دليل أهل المذهب الصحيح (أنَّ لِهَذَا العَالَمِ صَانِعاً صَنَعَهُ وَمُدَبِّراً دَبَّرَهُ) وذلك الصّانع إمّا فاعلٌ أو غيره أو لا فاعل ولا غيره ونعني بالفاعل: الصانع المختار وحقيقته: هو من وُجِدَ من جهته بعض ما كان قادراً عليه، الثالث باطلٌ لأنّ تأثيراً لا مُؤثّر له مُحالٌ؛ وبهذا يُعرف بطلان قول عوام الملحدة: الدجاجةُ والبيضةُ محدثتان، ولا مُحدث لهما، وقول ثُمامة بن الأشرس من علماء المعتزلة: المُتولّد مُحدثٌ ولا مُحْدِثَ له وإلّا لزم