المسألة الأولى الكلام في إثبات الصانع
  الأوّلانِ فلأنّ المباشر ما وُجد في محل القدرة بواسطة فعل في محلها، والجسمُ لا يصح حلُولُهُ في جسم آخر وإلّا لزم التداخل. والمتعدّي: ما وُجِدَ في محل غير محل القدرة.
  وأمّا الثالث فمعلوم الإستحالة أيضاً وإلّا لم تكن جهة أولى به من جهة، فيلزم وجوده في جهات متعدّدة في وقتٍ واحدٍ ويلزم وجود الأجسام الكثيرة في جهةٍ واحدةٍ في وقتٍ واحدٍ لعدم المُخصِّص. فإن قيل: إختيار الفاعل يُخصص وجوده بجهةٍ دون جهةٍ كما في صدور الأجسام عن القديم. قلنا: قد تصدر الأفعال من أحدنا وهو غير عالمٍ بها كالسّاهي والنّائم ولا اختيار هناك، فيلزم المحال المذكور، ومن هنا يُعرف بطلان قول المُفوِّضة الغلاة وهم فرقة من الروافض حيث يُقرُّون بالباري جل وعلا ويقولون: إنه فوّض إلى بعض الأنبياءِ أمر الخلق، ومنهم: من يقول كل من ظهر عليه معجزة أو كرامة فهو ربٌّ. وأوّل من ابتدع الغُلوَّ عبدالله بن سبإ وكان يقول في علي #: هو الله تعالى. وبعضهم قال: محمد ÷ رسولُ علي بن أَبي طالب [#]. وروي أنّ أمير المؤمنين # حرّق جماعةً منهم وتمثّل في ذلك بقوله:
  لَمَّا رَأَيْتُ الأمْرَ أمْراً مُنْكَراً ... أضْرَمتُ نَارِي وَدَعَوْتُ قَنْبَراً
  وقيل: إن بعضهم ازداد فيه غُلُوَّا وقال: لا يُحرّق بالنار إلَّا الرّبُّ.
  ويُعرف أيضاً بطلانُ قول المطرفيّة حيث وافقونا أنّ للعالم صانعاً مختاراً هو الله تعالى، ولكنّهم يقولون: إنّه تعالى صانع لأُصول الأشياء وهي: الماءُ، والهواءُ، والرّيحُ، لا غير، والنّارُ زادها بعضُهُم. واختلفوا فمنهم من قال: صارت مستقلة بالتّأثير ولا