تنبيه
  تأثير لِلّهِ تعالى فيها الآن حتّى أنه لو عدم الله تعالى لَاسْتَقَامَتْ على ما هي عليه، ومنهم من قال: ما مِنْ طرفةِ عينٍ إلّا وله تعالى فيها تأثيرٌ ذلك التّأثيرُ هو كونه المُؤَثِّر في أصلها، وما أثَّر في الأصل فهو المُؤَثِّرُ في الفرع، ففي عباراتهم أنه المؤثِّر، وفي المعنى هم كالأوّلين. وحكي عن المطرفيّة القول بالصّانع المختار، وحدوث العالم كما ذكرنا، ولكنهم يقولون: إنّ الحوادث اليوميّة كالنّبات، والمولودات، والحياة، والموت، والآلام ونحوها حادثةٌ من الطبائع الحاصلة في الأجسام، ولا تأثير للقديم فيها أصلاً. وقد اشتهر عن أبي القاسم البلخي من المعتزلة القول بالطبع وهو أنّ تركيب الإنسان وغيره من التراكيب الحادثة حاصلةٌ من تركيب الطبائع الأربع، مع أنّ الله تعالى قادرٌ على أن يبتداء الخلقةَ من غير تركيب.
«تنبيهٌ»
  قد أورد القائلون بقدم الْعَالَمِ شُبَهاً ينبغي حلُّها ليتم المطلوب لِمَا عرفت من عِظَمِ شأن هذه المسألة.
  قالوا: تعلُّق القدرة به حال عدمه مُحَالٌ.
  قلنا: بل محال أن تعلَّق القدرةُ بالموجود، وإنّما تعلَّق بالمعدوم لتحصيله، لأنّ المقدور لو كان حاصلاً حين تعلُّق القدرة به لتحصيله لأغنى ذلك عن تعلُّق القدرة به.
  قالوا: تعلّقت القدرةُ بالحجارة للعمارة، والحجارةُ موجودةٌ؟.
  قلنا: الحجارة من جملة آلةِ العمارة، فتعلُّق القدرة بالعمارة إنّما كان حال عدمها بواسطة الآلة. قالوا: العمارةُ هي: نفس الحجارة، وإنّما كانت كامنةً في نفسها؟
  قلنا: هذا هو المحال لأنّ كُمُونَ الشّيءِ في نفسه لا يُعقل.