المسألة الثانية أن الله تعالى قادر
  محدثةٌ. وفرُّوا حين إلزامهم بذلك، أنّ الصفات لا تُوصف والفرقُ تَحكُّمٌ، ولا مانع من دعوى أن سائر ما تُوصف به الصفات أحكام مثلها. فإذا عرفت ذلك فاعلم: أنه يجب على المكلف أن يعلم (أنَّ اللَهَ تَعَالَى قَادِرٌ) وحقيقة القادر هو من يصح منه الفعل مع سلامة الأحوال وهذا قول من يُقرُّ بالصانع المختار، والخلاف في ذلك مع الباطنيّة فإنهم يقولون بأنّ الله تعالى لا يوصف بأنه قادر، ولا لا قادر؛ ولاشيء من الصفات أصلاً، لا إثباتاً ولا نفياً، إذْ لو وُصِفَ مثلاً بأنه قادرٌ كان تشبيهاً، وإن وُصِفَ بأنّه غيرُ قادرٍ كان تعطيلاً، وقد أُلزمت المطرفيّةُ بأنه لا يوصف بذلك لأنّ طريقنا إلى كونه قادراً وُجُودُ هذه الحوادث: من الأجسام وغيرها منه تعالى، وعندهم أنها لم تحدث من الله تعالى بل حدثت بالفطرة والتركيب (وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ) المذهب الصحيح (أَنَّ الْفِعْلَ) وحقيقته: هو ما وُجِدَ من جهة من كان قادراً عليه (قَدْ صَحّ مِنْهُ تَعَالىَ) وليس المراد بالصحة الإمكان التي هي مقابل الإستحالة، وإنّما المراد الصّحة والاختيار الذي هو مقابل الإيجاب فإنّ الصحة الأُولى لا تدل على القادريّة. فإنّ المُسبّبَ يصح صدورُهُ