المسألة الثالثة أن الله تعالى عالم
  يتناهى، لأنه تعالى قادرٌ بالذّات، ولا إختصاص لذاتِهِ بجنسٍ دون جنسٍ. وأمّا العشرةُ الباقيةُ وهي: الأكوانُ والاعتماداتُ، والتّأليفاتُ، والأصوات، والآلام، والإعتقادات، والإراداتُ، والكراهاتُ، والظُّنون، والأفكار، فهذا يقدر العباد على أعيانها، وأجناسها، لما مكنهم الله تعالى منها، ويقدر الله على أجناسها، ومن كل جنس على ما لا يتناهى لما ذكر من أنه تعالى قادر بذاته فلا تنحصر مقدوراتُهُ جنساً ولا عدداً، وهو تعالى قادرٌ فيما لم يزل وفيما لا يزال، ولا يجوز خروجه عن هذه الصفة بحالٍ من الأحوال إذ هو يستحقُّها تعالى بذاته وهذا ما يجب على المكلف معرفته من مسألة قادرٍ.
«المسألة الثالثة» [أن الله تعالى عالم]
  أنه يجب على المكلف أن يعلم (أنَّ اللهَ تَعَالَى عَالِمٌ) وحقيقتهُ هو: من يُمكنهُ إحكام الأشياءِ المُتباينة، وتمييز كل منها بما يُمَيِّزُهُ، أو من أدرك الأشياءَ إدراكَ تمييزٍ وإن لّم يقدر على فعل محكم. وقيل: هو المختصُّ بصفةٍ لكونه عليها يصح منه الفعل المحكم إذا لم يكن ثَمَّ مانع، ولا ما يجري مجراه وهذا هو مذهب المُقرِّينَ بالصّانع المختار، والخلاف في ذلك مع الباطنيّة تصريحاً، والمطرفيّة إلزاماً كما تقدم (وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ) المذهب الصَّحيحُ (أنَّ الأفْعَالَ الْمُحْكَمَةَ) وحقيقة المحكم: هو الفعلُ الواقعُ عقيب فِعْلٍ، أو مع