كتاب الإيضاح شرح المصباح الشهير (بشرح الثلاثين المسألة)،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

المسألة الثالثة أن الله تعالى عالم

صفحة 85 - الجزء 1

  فعلٍ على وجه لا يُمكن سَائِر القادرين إيجادهُ على ذلك الحدِّ ابتداءً. وحقيقةُ الحكمة: هي كُلّ فعلٍ حَسَنٍ له صفةٌ زائدةٌ على حُسْنِهِ. وحقيقةُ الإحكام: إيجادُ فعلٍ عقيب فعلٍ، أو مع فعلٍ، على حدٍّ لا يمكن سائِر القادرين إيجادُهُ على ذلك الحدّ إبتداءً والأفعالُ بحسب الحكمة والإحكام تنقسم إلى أربعة أقسامٍ: محكمٌ وحكمةٌ نحو: الخطّ الْحَسَنِ في نفاعةِ مسلمٍ، ولا محكمٌ، ولا حكمةٌ نحو: الخطوط التي لا حروف فيها مُفصّلةً إذا كان ذلك لمضرّة مُسلمٍ أو نحو ذلك، ومُحكمٌ دون حكمةٍ نحو: الخطّ الحسن الذي لا غرض فيه، وحكمة دون محكم نحو الخط الذي لا تُمَيَّزُ حُرُوفُهُ لنفع مُسلمٍ. ولا يوجد في أفعال الباري تعالى إلّا ما فيه الحكمةُ والإحكام، أو الحكمة دون الإحكام. ونحن نقطع بأنّ الأفعال المُحكمةَ (قَدْ صَحَّتْ مِنّهُ إبْتَدَاءً) والمرادُ وجودها منه على سبيل الصّحة والإختيار كما مرّ. وبيان الإستدلال على إرادة ذلك أنْ يُقال: قد وقع الفعل المحكمُ من الله تعالى، فإمَّا أن يقع على جهة الإيجاب، أو على جهة الإختيار، باطلٌ وُقُوعُهُ على جهة الإيجاب لأنه كان يلزم منه وقوع العالم دفعةً واحدةً ولأنه يلزم من ذلك قِدَمُ الْعَالَم فإذا بطل أن يكون وقوعُهُ على جهة الإيجاب ثبت أنه على سبيل الاختيار. وذهب صاحب الخلاصة إلى أنّ المراد بالصحّة: الإمكان الذي يُقابل الإستحالة