المسألة الثالثة أن الله تعالى عالم
  تكفي اللّبيبَ.
  (وَالَّذِي يَدُلُّ عَلَى أنَّ الأفْعَالَ الْمُرَتَّبَةَ) المنظومة (لَا تَصِحُّ إلَّا مِنْ عَالِمٍ أنَّا وَجَدْنَا فِي الشَّاهِدِ قَادِرَيْنِ) اشتركا في القدرة: كالكاتب بالقوّة الأُمّي، والذي يمكنه فعل الكتابة لكن (أحَدُهُمَا تَصِحُّ مِنْهُ الْكِتَابَةُ الْمُحْكَمَةُ الْمُرَتَّبَةُ كَالْكَاتِبِ) أي: فاعل الكتابة بالإمكان (وَالآخَرُ يَتَعَذَّرُ عَلَيْهِ ذَلِكَ كَالأُمِّي) وهو الذي يصحُّ أن يكتب ولا يمكنه، فلا شك أنّ هناك مفارقة، فلا بُدّ من مزيّةٍ فارقةٍ (فَالَّذِي صَحَّ مِنْهُ ذَلِكَ يَجِبُ أنْ يُفَارِقَ مَنْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ؛ وَيَخْتَصَّ عَلَيْهِ بِمَزِيَّةٍ تِلْكَ الْمَزِيَّةُ هِيَ الّتِي عَبَّرْنَا عَنْهَا بِكَوْنِهِ عَالِماً) فإذا كان اللهُ تعالى قد صحّ منه الفعل المُحكم وجب أن يكون عالماً، وفيه من السؤال والجواب ما تقدّم في مسألة قادرٍ (فَثَبَتَ) بهذا الدليل القطعي (أنَّ اللهَ تَعَالَى عَالِمٌ) ووجب على المكلف أن يعلم أنّ الله تعالى عالمٌ فيما لم يزل وفيما لا يزال ولا يجوز خروجُهُ عن هذه الصفة بحالٍ من الأحوال، وعالمٌ بما كان، ويكون، وبما هو كائن، وما لم يكن لو كان كيف كان يكون، وبما كان لو لم يكن كيف كان الحال فيه، وأنه عالمٌ بجميع أعيان المعلومات على جميع الوجوه التي يصح أن تُعلم عليها لا يعزُبُ عنه مثقالُ ذرّةٍ في الأرض ولا في السماء ولا غير ذلك.