كتاب الإيضاح شرح المصباح الشهير (بشرح الثلاثين المسألة)،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

المسألة الثالثة أن الله تعالى عالم

صفحة 92 - الجزء 1

  غيرُ ثابتٍ بل هما كما قال أمير المؤمنين #: (دَلِيلُهُ آيَاتُهُ، وَوُجُودُهُ إثْبَاتُهُ) وكل اسم مبتدعٍ لم يدل عليه دليلٌ فهو من الأسماء المُسمَّاة التي ما أنزل الله بها من سُلطانٍ؛ وما هذا حاله وجب رَدُّهُ.

  دليلٌ آخر: إجماعهُمُ معنا على كون الباري تعالى صانعاً للعالَمِ فلا يخلو إمّا أن يكون صُنْعُهُ هو ذواتَ العالَمِ أو صفاتَهُ أو هو الذّوات والصّفاتُ معاً، فإن قالوا: صُنْعُهُ هو الذّوات بطل قولهم بثبوتها فيما لم يزل؛ وإن قالوا: صُنْعُهُ هو الصّفَةُ التي هي: الوجود وتوابعه بطل إقرارهم بأنّ الباري تعالى صانعٌ للعالَمِ، لأن ذوات العالَمِ هي العالَمُ بإجماعهم، فإذا لم يكن صانعاً للذّوات بمعنى: أنه جعلها ذواتاً، فليس بصانعٍ للعالم. وإن قالوا إنه صانعٌ للذّواتِ والصّفات خرجوا من مذهبهم.

  دليلٌ آخر: لو صحّ القولُ بثبوت ذوات مقدورات الباري تعالى فيما لم يزل، وأنه لا تأثير له في كونها ذواتاً أدَّى إلى القول بتعجيزه عن خلق العالم، والقول بأنه سبحانه لا يعلم الإيجادَ فيما لم يزل - كما هو مذهبهم حيث يقولون إنه تعالى لا تأْثير له إلّا في الصفة الوجودية، وليست هي بصفةٍ معلومةٍ له فيما لم يزل - يُؤدّي إلى القول بأنه سبحانه جاهل بتأثيره قبل أن يَؤثِّر فيه، وكل قول يؤدّي إلى تعجيزه سبحانه وتجهيله فهو ظاهر البطلان.

  وممّا يدلُّ على بطلان قول المخالفين: إجماعُهُم مع العترة على إنكار قول من زعم أنّ أعيان العالَم قديمةٌ، ولا فرق بين ذلك وبين قولهم إن ذوات العالَم