كتاب الإيضاح شرح المصباح الشهير (بشرح الثلاثين المسألة)،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

المسألة الرابعة أن الله تعالى حي

صفحة 96 - الجزء 1

  والأوْلَى حذف المتحرك بالإرادة من الحدّ إذ لا حاجة إلى ذلك والقول بأن الله تعالى حيٌّ هو مذهب جميع من أقرّ بالصّانع المختار، إلّا أنه يلزم المطرفيّة ألّا يكون حيّاً، والخلاف في ذلك مع الباطنية. (وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ) المذهب الصحيح ما تقرّر بالأدلّة القطعيّة من (أنَّ اللهَ تَعَالَى قَادِرٌ عَالِمٌ) جَرَتْ عادةُ الشُّيوخ أنْ يجمعوا بين هاتينِ الصّفتينِ في الاستدلال على كونه تعالى حيّاً، وإن كانت إحداهما كافيةً في ذلك. وتحرير هذا الدليل أن نقول: قد ثبت أنّ الله تعالى قادرٌ عالمٌ (وَالْقَادِرُ الْعَالِمُ لَا يَكُونُ إلاَّ حَيّاً) فهذان أصلانِ لا بُدّ لكل واحدٍ منهما من دليلٍ (أَمَّا الدَّلِيلُ عَلَى أنّهُ تَعَالَى قَادِرٌ عَالِمٌ فَقَدْ تَقَدَّمَ) في مسألة قادر ومسألة عالم (وَأَمَّا الدَّلِيلُ عَلَى أنّ الْقَادِرَ الْعَالِمَ لَا يَكُونُ إلَّا حَيّاً فَلأنَّ) من المعلوم في الشاهد وجود ذاتينِ أحدهما يصح أن يقدر ويعلم كالواحد منّا، والآخر يستحيل أن يقدر ويعلم مثل (المَيِّتِ وَالْجَمَادِ) إذ هما (لَا يَعْلَمَانِ شَيْئاً وَلَا يَقْدِرَانِ عَلَيْهِ) ضرورةً، فلا بُدّ من مفارقةٍ لولاها لَما صحَّ من أحدهما ما استحال على الآخر، وقد عبّر أهلُ اللغة عن هذه المفارقة بأن سَمّوا مَنْ صحّ أن يقدرَ ويعلمَ حيّاً دون الآخر؛ ويَرِدُ هنا من السؤال والجواب مثل ما تقدم في المسألتين السّابقتين. فإن قيل: دليلُكم - على أنّ الله تعالى حيٌّ - كونه قَادِراً عالماً لا صحّة أنْ يَقْدِرَ