تنبيه
  حاسّته بالمدرَك عَلِمَ كونه مُدْرِكاً وإن فقد كل أمرٍ يُشار إليه ممّا عدا ذلك، ومتى لم يعلم تعلُّق حاسّته بالمدرَك لم يعلم كونه مُدْرِكاً، وإن حصل كل أمر يُشار إليه ممّا عدا ذلك، فلو كان الإدراكُ أمراً سوى ذلك ما صحّت هذه القضيّة، فثبت أنّ الإدراك أمرٌ يرجع إلى الحاسّة، لا إلى الجملة كما يدّعيه المخالف. وقولهم وهي صفة متجدّدة يعنون غير مُحدثةٍ، ولا يخفى نُبُوؤُهُ عن عرف أهل اللغة العربية، إذ لا فرق بين المتجدِّد والمُحدَثِ في كون كل واحدٍ منهما كائناً بعد العدم، وفي الحاجة إلى مُكَوِّنٍ كَوَّنَهُمَا، ولا فرق بين التّكوين، والإيجاد، والإحداث، والتجديد في المعنى.
  قال السيد حميدان: ومن أوضح الأدلّة على كون تجديد المعتزلة مُحالاً وصفُهُم له تعالى بأنه لَا شيءَ، ولا لا شيءَ، مع أنه لو جاز لهم تجويز ذلك في المسموع والمبصر لجاز تجويز تجدُّد سائر الإدراكات التي لا يجوز إضافتها إلى الله نحو: إدراك لذّة المُشتهيات تعالى الله عن ذلك عُلُوّاً كبيراً. (وَقَدْ أوْرَدُوا) شبهةً وهي: أنّ أحدنا قد يعلم ما لا يُدْرِكُ وَيُدِرِكُ مَا لَا يَعْلمُ وحصول كل واحدةٍ من الصفتينِ مع عدم الأُخرى دليلٌ على التّغاير بينهما. أمّا إنه قد يُدْرِكُ ما لا يَعْلَمُ فلأنّ أحدنا قد يُدرك قرص البقّ، والبراغيث، في حال نومه ولا يعلمُهُ، وكذلك يُدركُ الأصوات الجارية بحضرته وهو لا يعلمها، وكذلك