كتاب الإيضاح شرح المصباح الشهير (بشرح الثلاثين المسألة)،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

المسألة الخامسة أن الله سميع بصير

صفحة 104 - الجزء 1

  وصُورهم، وألوانهم، وصفاتهم، وحركاتهم التي إنّما يعقلون دركها بالعيون والأبصار، إذ إدراك المخلوقين للأصوات والأشخاص بالأسماع والعيون التي ربّما كَلَّتْ، وتحيّرتْ، وأخطأتْ، وأدركت ظاهراً دون باطنٍ، وقصرت. ودركُ الله سبحانه وتعالى - لهذا كله - درك واحدٌ محيطٌ بما ظهر وما بطن، وبما بَعُدَ وقَرُبَ، وهو دَرَكُ علمه الذي لا يفوته من المدركات شيءٌ). وقول الهادي إلى الحق # في كتاب المسترشد: (معنى سميعٌ هو: عليمٌ، والحجّة على ذلك قول الرحمن الرحيم: {أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمَْ وَنَجْوَاهُم بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ} والسِّر فهو ما انطوت عليه الضّمائرُ، وقوله {بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}⁣[آل عمران: ١٥] يريد: (عالمٌ محيطٌ بكل أمرهم، مُطَّلِعٌ على خفيِّ سرائرهم). وقوله في كتاب الديانة: (وهو السميع البصير، ليس سَمْعُهُ غَيْرَهُ، ولا بَصَرُهُ سوَاهُ، ولا السمعُ غيرُ البصر، ولا البصرُ غيرُ السّمعِ). وقول القاسم بن علي # في كتاب التجريد: (واللهُ فعظيم الشأن، قويُّ السلطان، لم يزل مُدْرِكاً للأشياء قبل تكوينها، ولا فرق بين دركه لها بعد تكوينها ودركه لها قبل تكوينها).