كتاب الإيضاح شرح المصباح الشهير (بشرح الثلاثين المسألة)،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

تنبيه

صفحة 108 - الجزء 1

  الأثر الصحيح: «من تفكَّر في المخلوق وَحَّدَ، ومن تفكّر في الخالق ألْحَدَ» وهو المتصف بالغُلوِّ والتّجاوز لحدّ العقل المنهي عنه في قوله تعالى: {قُلْ يَا أَهْلَ الكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ}⁣[المائدة: ٧٧] وفيه يقول الهادي إلى الحق #: (وإلى الله أبرأُ من كلِّ معتزليّ غَالٍ، ومن جميع الفرق الشّاذة، ونعوذ بالله من كل مقالةٍ غاليةٍ، ولا بد من فرقة ناجية عالية). وسيتضح لك من الأدلّة على هذا ما ينفي عنك شُبه المخالفين وتَخيّلاتهم الباطلة. وإذا كان ذلك هو المذهب الحقّ لم يحتج إلى بيان كيفيّة استحقاق الباري تعالى لصفاته هل لذاته أو لغيرها، إذ لا شيءَ غير الذّات يحتاج إلى أن يُقال فيه أنّه مستحقٌّ لها. والعجب من الدواري حيث بنى على ما بنى عليه المتأخرون من إثبات المزيّة الزائدة، وقال: الخلاف في ذلك مع المطرفية فإنهم يقولون: إنّ هذه الصفات ذاتُ الباري سبحانه لا غير، فكونُهُ قادراً ذاته، وكونه عالماً حيّاً ذاته أيضاً، وكذلك سائرها، وبعض هذه الصفات هو البعض الآخر لأنه ليس عندهم إلّا مُجرد الذّات. قال: وحُكي عن أبي الهذيل أن علمَ اللهِ هُو اللهُ، وحملة العلماءُ على أنه أراد به أنّه صفة ذاتيّة. انتهى.

  قلت: هذه مقالة من لم يغمس يده في علوم الأئمة. أين أنت من كلام الهادي # في كتاب الدّيانة، وكُتب المرتضى، والناصر وأصحابهم بل ذلك إطباقُ قدماء العِترة كما يأتي بيانه في حكاية أقوالهم. وقولك: إن العلماءَ حملوا كلام أبي الهذيل على ما ذكرتَ؛ نقول فيه: تلك ليست مقالة العلماء كما رويتَ، وما ذكرها إلّا السيد مانكديم في الشرح، وكان له مندوحةٌ عن