المسألة السادسة أن الله تعالى قديم
  حمله كلام أبي الهذيل على خلاف الظاهر، وقد أبقاه الشيخ محمود بن الملاحمي والإمام المهدي # على ظاهره. وأمّا من جعل صفاته أُموراً زائدةً على ذَاتِهِ فهم فريقان:
  الفريق الأوّل يقول: بأنه يستحقها تعالى لذاته على معنى أنه لم يُؤَثِّر له فيها ذاتٌ أُخرى، وهذا هو مذهب بعض أئمتنا المتأخرين كالمهدي #، وغيره، وبعض شيعتهم، وأبي علي، والبهشمية. قال الدواري: وهو مذهب أهل العدل قاطبة وكثير من فرق الكفر.
  قلت: في إطلاق أهل العدل نظرٌ ثم اختلف هذا الفريق فالذي عليه أبو علي، وأبو الحسين الخيّاط، وأبو القاسم البلْخي - قال الدواري: وأبو الهذيل - وغيرهم: إنّ الله تعالى يستحقُّ صفاته الأربع كونه قادراً عالماً حيّاً موجوداً لِذَاتِهِ من غير توسُّط صفةٍ بينها وبين ذاته تعالى، كسائر الصفات المستحقة للذات؛ وأهل هذه المقالة لا يُثبتون الصّفةَ الأخصّ وسيجيءُ تحقيقُها عند أهل القول بها، وربّما لُقِّبَ هؤلاءِ بِالْعِلِيَّةِ لأنهم يقولون: إنّ ذات الباري علّة مُوجِبةٌ لصفاته؛ وتأثيرها تأثير العلّة عندهم. وذهب أبو هاشم، والقاضي، وتلامذتهما، وعوّل عليه بعضُ متأخري أئمتنا كالمهدي # وغيره إلى أنّ الله تعالى يستحقها لصفته الأخصّ، وأنّها مُقتضاةٌ عنها، وأهل هذا القول يُثبتون الصّفة الأخصّ؛ وقد حكى ناسٌ من متأخري أصحابنا عن القاسم القول بها وزعموا أنه صرّح بذلك حيث قال: لِلَّهِ صفةٌ لا يشاركُهُ فيها مشاركٌ ولا يَمْلِكُهَا عليه مالكٌ؛ قالوا: وهو أيضاً قول الهادي، والناصر، وغيرهما.
  قلت: أُصُولُهُم، وصرائحُ أقوالهم تَأْبَى ذلك، وسنُلقيها إليك إن شاء الله تعالى فلا