خطبة الكتاب
  الإمامية والبكرية وبعض المحدثين: أنه يصح بالظنِّي مطلقاً. وقال أبو هاشم: لا يصح بالجميع مطلقاً.
  قلنا: المعلوم قطعاً باتِّفاق علماءِ الكلام أنّ الدليل ما اهتدى به العقل إلى المطلوب بواسطة النظر، ولو بالتّدريج والإنتقال من دليل إلى دليل إلى المطلوب. والآيات اللّاتي وصفنا تدل العقل بواسطة النظر إلى الدليل على كون ذلك الدليل مصنوعاً إذ لا بُدّ من النظر فيها بدليل قوله تعالى: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ القُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} الآية [محمد: ٢٤]، ونحو ذلك. وننتقل إلى كونه له صانع. يشهد بذلك تفسيرُهُم إسمَ الله تعالى في قوله تعالى: {هُوَ الأَوَّلُ وَالأَخِرُ والظَّاهِرُ وَالبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}[الحديد: ٣] حيث قالوا: هو الظاهر بصنعه. ولا يكون ظاهراً حتّى يُعرف حقّ معرفته ولا يُعرف حق معرفته حتّى تُعرف صفاتُهُ. وكالإستدلال على كونه تعالى حيَّاً بالمصنوع.
  وأبو هاشم: يُجريها مجرى محض الدّعوى، ولم يُقر بأنها منبّهة، وهو مردود بعدم الفرق بينها وبين الإستدلال بالصُّنع على كونه تعالى حيَّاً، وبقوله تعالى: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي