المسألة السادسة أن الله تعالى قديم
  زال الشّرطُ زال المشروط. وأمّا أنه لا يجوز أن يستحقها لمعانٍ قديمةٍ كما تقوله الأشعرية كما يأتي، فلأنّه لو جاز ذلك عليه لوجب في تلك المعاني أن تكون أمثالاً لِلّهِ تعالى لمشاركتها له في القدم الذي به فارق سائر المحدثات، وقد ثبت أنّ الله تعالى لا مِثْلَ له على ما يأتي بيانه إن شاء اللهُ تعالى، ولأنه إذا ثبت أنّ هذه الصفات واجبة لِلّهِ تعالى عندنا وعند المخالف ثم لم يُحتج في وجوب وجوده تعالى إلى معنىََ قديمٍ وجب في سائر الصفات أن يستغني في وجوب ثبوتها له تعالى عن معانٍ قديمةٍ لأنه لا مخصّص يقتضي حاجة بعضها إلى معنى قديمٍ دون الآخر.
  الفريق الثاني: قالوا: إنّ الله تعالى يستحق هذه الصفات الأربع لمعانٍ، وهذا قول أكثر المجبرة، ثم افترقوا في ذات بينهم، فذهبت الكُلّابية إلى أنّ اللهَ تعالى عالمٌ بعلمٍ لا يُوصف بِقِدَمٍ ولا حدوثٍ، ولا وجودٍ ولا عدمٍ، إذ هو صفةٌ، والصفة عندهم لا تُوصف، وإلّا لزم التسلسل [عندهم] وربّما لُّقِّبَ هؤُلاءِ بالصفاتيّة، لأنهم أثبتوا لِلّهِ صفاتٍ حاصلةً عن معانٍ ثم جعلوا تلك المعاني صفاتٍ لا توصف فراراً ممّا يلزمهم من المحال إن وصفوها بالقِدَمِ أو الحُدُوثِ، وقولهم ظاهر البطلان لتناقضه لأنهم جعلوها معاني وذواتٍ، ثم ادّعوا بعد ذلك أنها صفاتٌ وبينهما فرقٌ جليٌّ