كتاب الإيضاح شرح المصباح الشهير (بشرح الثلاثين المسألة)،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

المسألة السادسة أن الله تعالى قديم

صفحة 114 - الجزء 1

  وقد وافقهم الأُموريّة في أن الصفاتِ لا تُوصف، لكنهم أبطلوا قولهم بأنهم جعلوها ذواتٍ فيلزمهم وصفها، وإبطالُ هذا الأصل سيقرع سمعك. وقالت الأشعرية والكراميّة: بل الله سبحانه يستحقها لمعانٍ قديمةٍ توجب تلك الصفات. والمعاني: هي العلم، والقدرة، والحياة، ونحو ذلك، وتلك المعاني قائمةٌ بذاته، لكن الأشعرية يقولون إنها قائمةٌ بذات الله تعالى لا على وجه الحُلول، ويقولون أيضاً أنّ تلك المعاني ليست إيّاهُ، ولا بعضه، ولا غيره، فِراراً ممّا يلزمهم لو جعلوها مستقلّةً مُغَايِرَةً لِلّهِ تعالى من أن يكون مع الله تعالى قدمآءٌ غيره وفي قولهم هذا مناقضة ظاهرة لأنهم قالوا ليست إيَّاهُ ولا بعضه ولا غيره وهذا محال، لأنه قد ثبت أنَّ كلَّ مذكورينِ يجب أن يكون أحدهما غير الآخر إذا لم يكن بعضاً له.

  وأمّا الكراميّة فإنهم يقولون: بل تلك المعاني غيره ويصرحون أيضاً بأنها قائمةٌ بذات الباري على وجه الحُلول فقد ارتكبوا من المحالات كلما فرّ عنه مَنْ قبلهم، من كون الله تعالى مَحَلّاََ لغيره، وإثبات قدماءَ مع الله تعالى. وعلى الجملة فكلا القولينِ باطلٌ لأنّ قِدَمَ المعاني يُوجب مماثلتها للباري سبحانه، ويوجب تماثلها لأنه وصفٌ ذاتيٌّ؛ والاشتراك في صفةٍ من صفات الذات يوجب الاشتراك في سائر