كتاب الإيضاح شرح المصباح الشهير (بشرح الثلاثين المسألة)،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

المسألة السادسة أن الله تعالى قديم

صفحة 118 - الجزء 1

  وكل مذكورينِ على هذا الوجه فإنه يجب أن يكون أحدهما غيرَ الآخر. ومن جملة المناقضة وصفُهم لها بأنها لا شيءَ، ولا لَا شيءَ، وأنها زائدةٌ على الذّات، وليست غيرها، والذي ألجأهم إلى القول بأنّ الصفات لا تُوصف أنهم أُلزِمُوا بأن يَصِفُوا الأُمورَ الزّائدة، بالوجود والعدم، والحدوث والقدم، فإن قالوا معدومة فهو باطل للزوم أن يكون الباري سبحانه معدوماً لعدم صفته الوجودية، وإن قالوا موجودة قيل: أقديمةٌ أم محدثةٌ؟ فإن قالوا قديمة لزمهم مشاركتها للباري تعالى في القدم والإلهيّة وهو باطل بما يأْتي، وإن قالوا محدثة لزمهم حدوث الباري بحدوث صفته الوجوديّة؛ فدفعوا هذا الإلزام بأن قالوا مذهبنا أنّ الصفات لا تُوصف لِئَلَّا يتسلسل. ويقال لهم إذا تقرّر في العقول ثبوتُ وَصْفِ الصّفة أُطلق ذلك الوصفُ عليها، وذلك وصفٌ قطعاً، وإن سُكِتَ عن وصفها فلا وصف حينئذٍ فلا تسلسل. وأيضاً ففي قولهم إثباتٌ لفرقٍ بين أُمورٍ لا فرق بينها لا لُغَةً ولا عُرفاً نحو: الأمر، والشيء، والزائد، والغير، والقِدَم، والأزل، والحدوث، والتجدد، وأشباه ذلك، ممّا توصّلوا بتحريفهم لمعانيه المعقولة إلى أن يُعبّروا به عمّا لا يُعقل مع كونهم غير مُفوَّضِينَ ولا حكماء ولا معصومين عن الدخول في زمرة من ذمّهم الله سبحانه على تحريفهم للكلم عن مواضعه. وأيضاً فإنّ إثباتهم لأُمور متوسّطة بين النفي والإثبات نحو قولهم: لَا شَيْءَ ولا لا شيءَ محالٌ يُعلم ذلك ضرورةً كما يُعلم ضرورةً أنّ قول من يقول: زيدٌ لا في الدار ولا في غيرها محالٌ. وأيضاً: فإن