كتاب الإيضاح شرح المصباح الشهير (بشرح الثلاثين المسألة)،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

المسألة السادسة أن الله تعالى قديم

صفحة 120 - الجزء 1

  أنّ مع الله سبحانه صفةً يوصف بها، ولا نقول إنّ ثَمَّ صفةً وموصوفاً، ولا أنّ ثَمَّ شيئاً - سوى الله عند ذوي العقول - مجهولاً ولا معروفاً). وقوله في كتاب الديانة: (من زعم أنّ علمه، وقدرته، وسمعه، وبصره، صفاتٌ له، لم يزل موصوفاً بها قبل أن يخلق، وقبل أن يكون أحد يصفه بها، وقبل أن يصف هو بها نفسه؛ وتلك الصفات زَعَمَ لا يُقال هي اللهُ، ولا يُقال هي غيره، فقد قال مُنكراً من القول وزوراً. وقول القاسم بن علي # في كتاب التوحيد: (إن زعم زاعم أنه عالمٌ بعلمٍ ليس هُوَ هُوَ، ولا هُو غيرُهُ لم يكن بينه وبين من زعم أنه عالمٌ بعلمٍ هُوَ هُوَ، وَهُوَ غَيرُهُ فرقٌ). وقول ابنه الحسين # في جوابه ليحي بن مالك الصعدي: (ما تفسيرُ علم الله وقدرته إلّا كتفسير نفسه ووجهه، فهل يقول أحدٌ يَعْقِلُ بأنّ له وجهاً كوجه الإنسان، أو نَفْساً كأنفس ذوي الأبدان هذا ما لا يقول به أحدٌ من ذوي الألباب، ولا يعتقدُهُ في الله رَبِّ الأرباب، وإنّما وَجْهُهُ هُوَ ذَاتُهُ، وكذلك عِلْمُهُ وقُدْرَتُهُ).

  وأمّا إبطال قول من يقول بالصفة الأخصِّ خاصّة: فنقول: هي لا دليل عليها رأْساً. ثم إن دعوى أنّ تأثيرها تأْثيرُ العلة من أوضح دليل على الإقرار ببطلانها إذ تأثيرُها في الصفات تأثيرُ إيجابٍ. وقد عرفت أنّ المُؤَثِّر مُقارن للمُؤَثَّرِ وحينئذٍ فما ادّعاءُ تأثير أحدهما في الآخر بأوْلَى من العكس، ثم إن قولكم لا هي اللهُ، ولا هي غيرُهُ ولا شيءَ ولا لَا شيْءَ ممّا يدل على بطلانها، إذ ذلك مناقضة ظاهرة وكل قول متناقض فهو باطلٌ، ثم إنّ القول بها لا يخلو من تفكر في ذات الباري وذلك لا يجوز كما مرَّ، ثم إنّ الخوض فيها مجاوزٌ لحدّ