البساط،

الناصر الحسن بن علي الأطروش (المتوفى: 304 هـ)

[أقسام الإيمان]

صفحة 53 - الجزء 1

  وكذلك قال الله سبحانه في آل عمران: {وَالَّذينَ إِذا فَعَلوا فاحِشَةً أَو ظَلَموا أَنفُسَهُم ذَكَرُوا اللَّهَ فَاستَغفَروا لِذُنوبِهِم وَمَن يَغفِرُ الذُّنوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَم يُصِرّوا عَلى ما فَعَلوا وَهُم يَعلَمونَ}⁣[آل عمران: ١٣٥] ثم قال جل ذكره: {وَلَيسَتِ التَّوبَةُ لِلَّذينَ يَعمَلونَ السَّيِّئَاتِ حَتّى إِذا حَضَرَ أَحَدَهُمُ المَوتُ قالَ إِنّي تُبتُ الآنَ وَلَا الَّذينَ يَموتونَ وَهُم كُفّارٌ أُولئِكَ أَعتَدنا لَهُم عَذابًا أَليمًا}⁣[النساء: ١٨] فسوى بين المنافقين العصاة له، وبين الكفار المشركين به، وهؤلاء فهم الذين ذكرهم الله في الآية التي ذكرتها قبل في آل عمران.

  ومعنى {حَضَرَ أَحَدَهُمُ المَوتُ}⁣[النساء: ١٨] أي يئس عندما به من الحياة وعقله ولسانه صحيحان وكذلك قال سبحانه في سورة المائدة: {يَا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا شَهادَةُ بَينِكُم إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ المَوتُ حينَ الوَصِيَّةِ}⁣[المائدة: ١٠٦] فهؤلاء الذين قد رأوا من آيات الله وحلول نقمته ما قد يئسوا به من السلامة والحياة فلا تقبل لهم توبة، ولا يكون لهم إلى ما يحبون أوبة فأما عند حقيقة حضور الموت والغرغرة فلا تكن توبة ولا وصية وفي أمثالهم يقول الله سبحانه: {فَلَمّا رَأَوا بَأسَنا قالوا آمَنّا بِاللَّهِ وَحدَهُ وَكَفَرنا بِما كُنّا بِهِ مُشرِكينَ ٨٤ فَلَم يَكُ يَنفَعُهُم إيمانُهُم لَمّا رَأَوا بَأسَنا سُنَّتَ اللَّهِ الَّتي قَد خَلَت في عِبادِهِ وَخَسِرَ هُنالِكَ الكافِرونَ ٨٥}⁣[غافر: ٨٤ - ٨٥].

  ويقول الله تعالى ذكره: {هَل يَنظُرونَ إِلّا أَن تَأتِيَهُمُ المَلائِكَةُ أَو يَأتِيَ رَبُّكَ أَو يَأتِيَ بَعضُ آياتِ رَبِّكَ يَومَ يَأتي بَعضُ آياتِ رَبِّكَ لا يَنفَعُ نَفسًا إيمانُها لَم تَكُن آمَنَت مِن