البساط،

الناصر الحسن بن علي الأطروش (المتوفى: 304 هـ)

8 - مسألة وجوابها

صفحة 143 - الجزء 1

  فكان الله الذي جعله إماما، ونظير ذلك من كلام العرب أن الرجل إذا علم انسانا وأدبه، وأمره بما فيه رشده فقبل عنه وتعلم منه، جاز أن يقول له: قد خلفتك فقيها وجعلتك أديبا، وجعلتك معلما لسواك، فهذا تأويل ماغلطوا فيه، والحمد لله راضيا.

٨ - مسألة وجوابها

  وكذلك قد غلطت المجبرة في قول الله سبحانه: {وَاجعَلنا مُسلِمَينِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنا أُمَّةً مُسلِمَةً لَكَ}⁣[البقرة: ١٢٨] فقولنا في ذلك: إنه لايكون أحد مسلما حتى يجعله الله سبحانه كذلك بما يعلمه إياه فيقبله عنه، والله فلا يجبر أحدا على طاعته، ولاعلى معصيته، ولايضطر عباده إلى الإسلام.

  يدل على ذلك قوله: {لا إِكراهَ فِي الدّينِ قَد تَبَيَّنَ الرُّشدُ مِنَ الغَيِّ}⁣[البقرة: ٢٥٦] وقوله: {أَفَأَنتَ تُكرِهُ النّاسَ حَتّى يَكونوا مُؤمِنينَ}⁣[يونس: ٩٩] وقوله: {أَنُلزِمُكُموها وَأَنتُم لَها كارِهونَ}⁣[هود: ٢٨] ولكن لقول الله جل ذكره تأويل غير اجبار ولااضطرار لعباده إلى طاعته، ولااكراه لهم على مايحبه، وهو ان احدا لايعمل شيئا من الإيمان إلا بأمر الله وترغيبه، ولايزدجر عن معاصيه ومانهى عنه إلا بترهيبه، بعد تقويته على ماأمر به وعلى ترك مانهى عنه، ومحمود خواطر يتلطف بها لمن أطاعه، فمن رغب وقبل عن الله وأسلم فقد جعله الله مسلما مؤمنا، ثم يزداد ايمانا وخيرا فيكون الله هو الجاعل له كذلك، وأراد ابراهيم واسماعيل @ بقولهما: {وَاجعَلنا مُسلِمَينِ لَكَ}⁣[البقرة: ١٢٨]،