10 - مسألة في الفتنة وجوابها
  قلوبنا من محنتك فندع عند ذلك طاعتك، وإذا كان ذلك منهم فإنما أتوا من قبل أنفسهم، فجاز في اللغة أن ينسب ذلك إلى الله جل ذكره؛ لما كان من محنته وبلواه يريد بذلك أنها لما أشتدت عليهم محنة اغواهم، وتقول العرب: قد بخل فلان فلانا إذا سأله مالايحبه ولايحبه الله، وقد أظهر عجزه إذا حمله مالايشتهيه فعلى هذا تأويل كل ما أشبه هذا من كتاب الله، والله محمود ومعبود.
١٠ - مسألة في الفتنة وجوابها
  وأما قول الله جل ذكره: {وَمَن يُرِدِ اللَّهُ فِتنَتَهُ فَلَن تَملِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيئًا}[المائدة: ٤١] فإن الفتنة في لغة العرب وفي كتاب الله على وجوه كثيرة:
  فمنها: الكفر به.
  ومنها: المحنة والإختبار.
  ومنها: العذاب.
  ومنها: الحرب والقتال على الضلال ومايسخط الله.
  ومنها: غلبة الهوى والمحبة للشيء وغير ذلك، وقد بين الله جل ذكره وعز أكثر ذلك في كتابه الشفاء لما في الصدور، فقال جل ذكره: {وَالفِتنَةُ أَشَدُّ مِنَ القَتلِ}[البقرة: ١٩١] وقال لموسى #: {وَفَتَنّاكَ فُتونًا}[طه: ٤٠] أي امتحناك امتحانا وقال: {وَقاتِلوهُم حَتّى لا تَكونَ فِتنَةٌ}[البقرة: ١٩٣] يقول: حتى لايكون شر ولاحرب ولاقتال على ضلال وكفر.