10 - مسألة في الفتنة وجوابها
  وقال: {يَومَ هُم عَلَى النّارِ يُفتَنونَ}[الذاريات: ١٣] يريد: يعذبون {ذوقوا فِتنَتَكُم}[الذاريات: ١٤] أي عذابكم فيقول سبحانه: {وَمَن يُرِدِ اللَّهُ فِتنَتَهُ فَلَن تَملِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيئًا}[المائدة: ٤١] وفي هذا الموضع يريد: من يرد الله عذابه فلن تستطيع أن تدفع عنه مايريده الله من عذابه والله سبحانه فلا يريد أن يعذب إلا من هو مصر على معاصيه، وقد علم أنه لايرجع عن كفره ولايتوب، كما علم مثل ذلك عن الشيطان أنه لايتوب أبدا وليس من حكمه أن يعذب من يعلم أنه يتوب، ويرجع يوما ما لأنه قال: {وَما كانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُم وَهُم يَستَغفِرونَ}[الأنفال: ٣٣] يقول: لاأعذب من أعلم أنه يتوب ويستغفر.
  وقال جل ذكره: {وَلَو عَلِمَ اللَّهُ فيهِم خَيرًا لَأَسمَعَهُم وَلَو أَسمَعَهُم لَتَوَلَّوا وَهُم مُعرِضونَ}[الأنفال: ٢٣] يقول: لو علمت أنهم يقبلون لأسمعتهم ماطلبوا وأريتهم من الآيات ماسألوا.
  وقال: {وَلَو رُدّوا لَعادوا لِما نُهوا عَنهُ وَإِنَّهُم لَكاذِبونَ}[الأنعام: ٢٨] فهذا وأشباهه في القرآن كثير، يعلم الله جل ذكره أنه عالم باختيارهم معاصيه، وعاقبة أمرهم، وأنهم لايتوبون مختارين غير مضطرين، وأنه لايعذب من يعلم أنه يتوب ويرجع عن كفره وضلاله.
  وأما قوله سبحانه: {أُولئِكَ الَّذينَ لَم يُرِدِ اللَّهُ أَن يُطَهِّرَ قُلوبَهُم}[المائدة: ٤١] الآية فمعنى ذلك أنه لايريد أن يحكم لقلوبهم بالطهارة، والإيمان وهي كافرة، ولايشهد لها بالطهارة وهي نجسه ولايزكيها، وإنما صاروا بهذه المنزلة لكفرهم وشركهم الذي