11 - مسألة في الملك وجوابها
١١ - مسألة في الملك وجوابها
  وأما قوله سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ اصطَفاهُ عَلَيكُم وَزادَهُ بَسطَةً فِي العِلمِ وَالجِسمِ وَاللَّهُ يُؤتي مُلكَهُ مَن يَشاءُ وَاللَّهُ واسِعٌ عَليمٌ}[البقرة: ٢٤٧] وإن الإصطفاء الإختيار من الله، والله فلا يختار إلا الخير الذي قد علم طاعته له، وغناه فيما يسلطه ويملكه على من خالفه وعصاه، حتى يردهم إلى أمره طوعا أوكرها.
  وقال جل ذكره في ابراهيم #: {أَلَم تَرَ إِلَى الَّذي حاجَّ إِبراهيمَ في رَبِّهِ أَن آتاهُ اللَّهُ المُلكَ} إلى قوله: {وَاللَّهُ لا يَهدِي القَومَ الظّالِمينَ}[البقرة: ٢٥٨] وقال: {قُلِ اللَّهُمَّ مالِكَ المُلكِ تُؤتِي المُلكَ مَن تَشاءُ وَتَنزِعُ المُلكَ مِمَّن تَشاءُ} إلى قوله: {إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيءٍ قَديرٌ}[آل عمران: ٢٦] فإن مراد الله سبحانه بهذا أنه يعطي النبوة من اصطفاه، ومعنى اصطفاه: اختاره على علم منه بقيامه بأمره وطهارته واخلاصه له في الدين، فحكم سبحانه لأنبيائه بالملك وجعله لهم، وقد حكم أيضا بالملك لغير الأنبياء من الإئمة الملوك الذين أخذوا الملك من جهة الطاعة له، مثل طالوت، وذي القرنين فمن دونهما، فإنهما لم يكونا نبيئين، وكانا بقيامهما بأمر الله، وطاعتهما إياه مستحقين للملك، فأما من تغلب بالكفر والمعاصي لله على الناس فلم يعطهم الله ذلك الملك الذي تغلبوا عليه.
  وقوله: {وَتَنزِعُ المُلكَ مِمَّن تَشاءُ}[آل عمران: ٢٦] فذلك تسليطه الأنبياء والمرسلين على من تغلب بالناس فملكوهم حتى انتزعوا الملك منهم بأمر الله وحكمه، وذلك في مثل كسرى وغيره، أوبموتهم فإنه إذا أماتهم فقد انتزع منهم ملكهم في كل شيء {وَتُعِزُّ مَن تَشاءُ}[آل عمران: ٢٦] فذلك العز اعزاز الأنبياء بالأمن من سخطه، وبطاعتهم اياه، وبما معهم من