[أقسام الإيمان]
  يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ وَيَخشَ اللَّهَ وَيَتَّقهِ فَأُولئِكَ هُمُ الفائِزونَ}[النور: ٥٢] فسبحان الله ما أوضح ما تكون في هؤلاء الآيات، بأن الإيمان هو الإقرار بالقلب واللسان، لا يكون إيمانا نافعا مؤمنا من سخطه ووعيده مع المولى عن طاعته وطاعة رسوله، وترك العمل بجميع فرائضه والإجتناب لجميع مازجر عنه مع ما قد دل عليه جل ذكره من أن العبد إذا عصاه أحبط عصيانُه صَالِحَ عمله بجوارحه ولسانه، فإن تاب رد عليه فصار ما هاهنا أيضا إيمان هو إقرار باللسان لا ينفع مع المعصية لله، وينفع مع التوبة والإخلاص، والله معبود محمود.
  ويكفي في بيان ذلك من عقل وتدبر القرآن، ما أنزل عليه في الخيرين أبي بكر وعمر بقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا لا تَرفَعوا أَصواتَكُم فَوقَ صَوتِ النَّبِيِّ وَلا تَجهَروا لَهُ بِالقَولِ كَجَهرِ بَعضِكُم لِبَعضٍ أَن تَحبَطَ أَعمالُكُم وَأَنتُم لا تَشعُرونَ}[الحجرات: ٢] فإذا كان مثل عمل أبى بكر وعمر وإقرارهما الذي هو إيمانهما يحبط ويبطل إذ رفعا أصواتهما فوق النبي ÷، مع مكانهما في الإسلام فما يكون حال سواهما.