البساط،

الناصر الحسن بن علي الأطروش (المتوفى: 304 هـ)

19 - مسألة في الإستطاعة وجوابها

صفحة 165 - الجزء 1

  عذابكم وأعتدنا للتنكيل بكم {بِقَدَرٍ}⁣[الحجر: ٢١] لأنه قال: {لِكُلِّ بابٍ مِنهُم جُزءٌ مَقسومٌ}⁣[الحجر: ٤٤] أي: مقدر معلوم.

  وكل ماتقدم «من» مسائلنا فيه من القضاء، يجب أن يسأل عن مثله في القدر فافهم إن شاء الله.

١٩ - مسألة في الإستطاعة وجوابها

  إن سألت المجبرة القدرية فقالت: لأي شيء خلق الله آدم # وذريته والجن وذريتهم؟!

  قيل: لما وصف جل ذكره بقوله الحق: {وَما خَلَقتُ الجِنَّ وَالإِنسَ إِلّا لِيَعبُدونِ}⁣[الذاريات: ٥٦].

  فإن قالوا: فكانوا هم يقدرون على طاعته وعبادته؟!

  قيل لهم: نعم لم يكلفهم الله طاعته وعبادته إلا وقد جعل لهم السبيل إلى ماكلفهم وأمرهم به ونهاهم عنه، لأن من أمر عبده بما لم يجعل له إليه سبيلا، ثم عذبه على تركه بما لم يجعل له السبيل إليه، فقد ظلمه إذ منعه مما أمره به بالقهر والإجبار، وقد قال سبحانه: {وَمَا اللَّهُ يُريدُ ظُلمًا لِلعِبادِ}⁣[غافر: ٣١] وقال: {إِنَّ اللَّهَ لا يَظلِمُ النّاسَ شَيئًا وَلكِنَّ النّاسَ أَنفُسَهُم يَظلِمونَ}⁣[يونس: ٤٤] فأخبر انه سبحانه لايظلم عباده، وإذا منعهم مما أمرهم به ولم يقوهم على فعله، ثم عذبهم كان ظالما لهم، وقد انتفى جل ذكره من ظلمهم بما تلوته قبل، وبقوله: {ما يَفعَلُ اللَّهُ بِعَذابِكُم إِن شَكَرتُم وَآمَنتُم وَكانَ اللَّهُ