20 - مسألة في الإرادة وجوابها
  وبعد: فلو أن الكفار كانوا بكفرهم فاعلين ارادة الله لكانوا له مطيعين، وبفعلهم ماأراد محسنين، ولجزائه مستوجبين، فلما لم يجز أن يكون الكافر محسنا في شتمه لربه وخلافه أمره، وقتله أنبياءه وافساده في أرضه، علم أنه لم يفعل ما أراد الله ولاماشاء وقد بينا هذا في باب المشيئة، والله مشكور، وبما هو أهله مذكور، وصلى الله على محمد وذريته أهل التطهير وسلم.
  وروي لنا وأخبرنا عن أبي عبدالله جعفر بن محمد #، وعن جماعة من أهلنا رحمهم الله أنهم كانوا يقولون: بالمنزلة بين المنزلتين لااجبار ولاتفويض.
  فمعنى قولهم: لاإجبار فهو صدق، خلاف ماقالت المجبرة القدرية، ففي كل عقل سليم، وأن معنى ذلك: لا اضطرار من الله جل ذكره لعباده إلى أعمالهم التي امرهم بها ونهاهم عنها.
  وأما قولهم: ولاتفويض - فإن كثيرا من الناس قد غلطوا واختلفوا في تأويل ذلك والله المستعان.
  ومعنى قولهم: ولاتفويض - لاإهمال كما أهملت البهائم، وفوض اليها أعمالها لم يمتحنها الله ولم يامرها ولم ينهها، لأن الله سبحانه قد أظهر حكمته بما كان من بلواه ومحنته لعباده بالأمر والنهي بعد التمكين، والوعد والوعيد والجنة والنار، والإباحة والحظر، فهذا هو المنزلة بين المنزلتين التي أراده آل محمد ÷ في قولهم: لاأجبار ولااهمال، تكلموا بذلك موجزا مختصرا لمن عقل منزلة المحنة والإختبار، بين التفويض الذي هو الإهمال وبين الإضطرار.
  وقد ذكر عن أمير المؤمنين # هذا التفويض الذي هو الإهمال في بعض خطبه قال: حدثني محمد بن منصور المرادي، قال: حدثني القاسم بن ابراهيم بن اسماعيل، قال: حدثنا عبدالله بن ابراهيم بن عبدالله بن الحسن، عن الحسن بن