البساط،

الناصر الحسن بن علي الأطروش (المتوفى: 304 هـ)

3 - مسألة وجوابها

صفحة 137 - الجزء 1

  وأواخر الأمور: خواتمها، ومن ذلك قيل: لنبئينا محمد ÷ خاتم النبئيين، وهذا يكثر تخريجه من اللغة فكان يجب على المجبر أن لا ينسب إليه سبحانه إلى مايليق مما جاءت به اللغة العربية ولاينسبه إلى الجور ومالايشبهه، ومالم يعرف في اللغة فإنه لايعرف في اللغة أن الختم: المنع من الشيء، وقد عرف الله سبحانه أنه لم يمنع عباده مما أمرهم به وذلك فبقوله: {فَما لَهُم لا يُؤمِنونَ ٢٠ وَإِذا قُرِئَ عَلَيهِمُ القُرآنُ لا يَسجُدونَ}⁣[الإنشقاق: ٢٠ - ٢١] فلو كان هو المانع لهم لقالوا: لأنك منعتنا من ذلك بختمك على قلوبنا وسمعنا وجعلت على أبصارنا غشاوة وكذلك قوله: {وَما مَنَعَ النّاسَ أَن يُؤمِنوا إِذ جاءَهُمُ الهُدى}⁣[الإسراء: ٩٤] وكذلك قوله لإبليس: {ما مَنَعَكَ أَن تَسجُدَ لِما خَلَقتُ بِيَدَيَّ أَستَكبَرتَ أَم كُنتَ مِنَ العالينَ} فلم يقل لأنك منعتني من ذلك ولكن قال: {أَنا خَيرٌ مِنهُ خَلَقتَني مِن نارٍ وَخَلَقتَهُ مِن طينٍ}⁣[ص: ٧٥ - ٧٦].

  فمعنى الختم وماكان مثله: الشهادة من الله عليهم لما علم منهم ومن قلوبهم أنها لاتبصر ومن آذانهم أنها لاتسمع أيمان وبصر وسمع قبولٍ أبداً ويدل على تحقيق ذلك أول الآية وآخرها فإنه سبحانه قال: {إِنَّ الَّذينَ كَفَروا سَواءٌ عَلَيهِم} إلى قوله: {وَلَهُم عَذابٌ عَظيمٌ}⁣[البقرة: ٦ - ٧] فشهد بهذا القول على قلوبهم أنها لاتؤمن أبدا، وعلى أبصارهم أنها لاتبصر أبدا، وعلى أسماعهم مثل ذلك لما عرفه جل ذكره من سوء نياتهم واستكبارهم، وذلك ماشهد به مما علمه من قوم نوح فقال: {أَنَّهُ لَن يُؤمِنَ